ما دل على استحباب الابتداء بالسلام ، ويجب الخروج عنها بهما ، مع أن أقصى ذلك التأخر إلى الفراغ من الصلاة لا سقوط السلام أصلا ، وما أرسله في الذكرى (١) عن الباقر عليهالسلام « إذا دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم ، وإذا سلم عليك فاردد فإني أفعله ، وإن عمار بن ياسر مر على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يصلي فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فرد عليهالسلام » ويمكن حمله على الاستحباب الذي لا ينافي الكراهة ، وكيف كان فالأمر في الكراهة خصوصا مثل هذه الكراهة سهل ، هذا.
وقد ظهر لك مما قدمنا سابقا أن رد السلام في الصلاة مستثنى من حرمة كلام الآدميين للأدلة السابقة ، فلا حاجة حينئذ إلى ضم قصد القرآنية معه ، ولا يتعين بالصيغة المذكورة فيه ، بل لا يجوز بناء على مراعاة المثلية لو فرض وقوع السلام بصيغة غيرها ، وما عساه يظهر من بعض أدلة الأصحاب على تعين ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) في الرد لو فرض كون السلام ـ بها ـ من أنها قرآن ، بل عن المنتهى والمعتبر « لا يقال : السلام من كلام الناس فلا ينطق به في الصلاة ، لأنا نقول : لا نسلم أنه من كلام الناس ، لأن القرآن يتضمن مثل هذا اللفظ ، ولو قيل : إذا قصد به رد السلام خرج عن القرآن قلنا : لا نسلم لأنه باعتبار نظمه قرآن وباعتبار قصد رد السلام يكون ردا » ونحوه عن المرتضى في الانتصار ـ إنما وقع في مقابلة العامة الذين يحرمون الرد نطفا لذلك ، ولا زالوا يذكرون في مقابلة العامة ما لا يلتزمون به على المختار كما لا يخفى على الخبير الممارس ، على أنه يمكن إرادتهما إثبات صورة ما من الرد خارجة عن كلام الآدميين كي يتوجه الرد على الشافعي وأبي حنيفة المانعين من ذلك لذلك ، نعم قد يقال : لا مانع من ضم قصد الرد مع القرآنية لعدم التنافي بينهما كما أشرنا إليه سابقا ، لا أن ذلك واجب بحيث يتعين
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب قواطع الصلاة ـ الحديث ٣.