جمعة ، وقيل لا يجوز ، وقد قلنا إن الأول أظهر ومن ذلك زمن الغيبة ، بل ظاهر جملة من العبارات فرض المسألة فيه ، وإن كان قد يقال إنه لا فرق بينه وبين زمن الحضور الذي يفرض فيه حصول الفرض من غير فرق بين زمن السلطنة وغيره كما أومأنا إلى ذلك سابقا ، نعم بقي الكلام في فرض المتحير الذي استفرغ وسعه فلم يظهر من الأدلة ما يصح العمل به ، وتفصيل البحث فيه أنه إما أن يكون تردده في الوجوب العيني والحرمة لا غير بمعنى أنه قاطع بانتفاء ما سواهما ، والتحقيق فيه الجمع بين الجمعة والظهر ، للعلم بأنه مشغول بأحدهما ، فيتوقف يقين البراءة على ذلك ، والمعارضة بتوقف يقين ترك الحرام على تركهما يدفعها أن الحرمة المدعاة إنما هي تشريعية لا ذاتية ، وهي منتفية مع الفعل احتياطا ، نعم لو كانت ذاتية أمكن حينئذ التعارض المزبور ، واحتج إلى الترجيح بين مراعاة الواجب والمحرم كما هو محرر في محله ، ولو أن الحرمة التشريعية تعارض الواجب الأصلي تعذر الاحتياط في العبادة إذا دار أمرها بين الوجوب وعدمه وهو معلوم الفساد نصا وفتوى وعقلا ، كما أن دعوى ذاتية الحرمة هنا كذلك ، ضرورة كونها ناشئة من احتمال عدم الأمر بها.
وأوضح من ذلك فسادا دعوى تعين الظهر في الفرض ، للاكتفاء في ثبوته بعدم ثبوت وجوب الجمعة ، فهو في الحقيقة الأصل حتى يثبت وجوب الجمعة ، ولذا وقع البحث في وجوبها لا وجوبه ، إذ ليس في الأدلة ما يقتضيها ، والبحث المزبور فيها خاصة لاستلزامه البحث فيه ، فاستغنوا به عنه ، وكون الواجب بالأصل الظهر ثم طرأ وجوب الجمعة لو سلم لا يجدي بعد أن تحقق الوجوب على الحاضرين المشاركين في التكليف.
ويقرب من ذلك فسادا دعوى سقوط الفرضين في الفرض ، لاستحالة التكليف بالمبهم ، ولاستفاضة النصوص في عدم وجوب غير المعلوم ، إذ هو كأنه مخالف للضرورة والمسلم استحالة التكليف بالمبهم من حيث إبهامه ، أو المعين بعينه مع إبهامه من أحد