بل قد عرفت التصريح والظهور بخلافه ، وعدم دلالة الفعل على الندب ، لأن المحكي عنهم الخطبة لا تركها ـ إرادة شرعيتهما والرجحان من معقد الإجماع لا الاستحباب بالمعنى الأخص كما اعترف به في كشف اللثام ، لكن دعوى الشهيد الشهرة المزبورة لا تخلو من غرابة ، اللهم إلا أن يكون قد نزل عبارة الأصحاب اشتراط ما يشترط في الجمعة في العيد على ما عدا الخطبة كما هو مقتضى التدبر في عبارة المعتبر منهم ، بل ما حكوه من الإجماع على عدم وجوب حضورها واستماعها يومي إلى ذلك ، قال في المحكي عن المنتهى : « لا يجب على المأمومين استماعهما ولا حضورهما بغير خلاف » والتذكرة « إجماعا » والتحرير « الإجماع على عدم وجوب الاستماع » إلى غير ذلك.
مضافا إلى صحيح الحلبي (١) « ان الجمعة والعيد اجتمعا في زمن أمير المؤمنين عليهالسلام فخطب خطبتين جمع فيهما خطبة العيد والجمعة » وإلى استبعاد توقف صحة السابق عليها ، ضرورة أن الغالب في الشرائط السبق أو الاقتران ، ولعله لذا كان خيرة العلامة في القواعد وجوبهما تعبدا لا شرطا ، إلا أنه لا يخفي عليك ما في الجميع ، وأنه لا صلاحية له لمعارضة ما سمعت مما يدل على الوجوب والشرطية من النصوص التي ذكرتهما في الكيفية وغيرها ، وأومأت إلى أنهما في العيد كالخطبتين في الجمعة ، بل ربما تقدم في بحث الجمعة ما يومي إلى أن الخطبتين في الجمعة لأنها عيد ، فلاحظ وتأمل ، وعدم وجوب الاستماع لا ينافي الوجوب كما هو مذهب البعض في الجمعة ، على أنه يمكن منعه كالحضور بالنسبة إلى البعض ، نعم عدم الوجوب مسلم بالنسبة إلى الجميع ، أما البعض فلا فيكون الوجوب حينئذ كفائيا وإن كان شرطيا ، وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : « إنا نخطب ، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب »
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة العيد ـ الحديث ١.
(٢) كنز العمال ـ ج ٤ ص ٣١٥ ـ الرقم ٦٤١٣ و ٦٤٣٠.