وأما نصوص الوجه (١) ونحوه فلا يخفى على من لاحظها وله أدنى خبرة بالمحاورات أن المراد منها ـ حتى خبري الفضيل والقماط المطرحين عندنا كما سمعته في الحدث ـ الاعراض عن القبلة والمضي عنها بالكل المكنى عنه بالوجه كالآية المستدل بها في بعض تلك النصوص (٢) فلا شاهد فيها حينئذ على ذلك ، ولعله لذا ترك الاستدلال بها في كشف اللثام مع شدة تجسمه لمختاره حتى استدل باحتمال كونه فاحشا الذي لا يجديه بعد تسليمه له في تقييد إطلاق أدلة الجواز ، نعم يتجه ذلك بناء على ظهور تناول الفاحش كما سمعته في المدارك ، إذ هو ليس من مصداق الموضوع كي يعتبر فيه القطع مثلا ، بل هو من الظن بمعنى اللفظ ، فيرجع حينئذ إلى استظهار شمول لفظ الفاحش لذلك ، ولا ينافيه العلم ببعض أفراده ، لكن قد يمنع عليه دعوى الشمول ، خصوصا والعمدة في معرفة المراد منه في خصوص الصلاة التي هي توقيفية فهم الأصحاب ، وقد عرفت أن المشهور بينهم ، بل لعله إجماع عدم البطلان بذلك ، فلا يكون من الفاحش ، إذ هم العمدة في أمثال ذلك لأسواد المتشرعة وأعوامهم الذين يعتقدون كثيرا مما يواظب عليه العلماء والأتقياء ، لشدة استحبابه أو للاحتياط فيه أو نحو ذلك من الواجبات التي تفسد بتركها العبادات ، وربما يؤيده أن المشاهد حال الالتفات بالوجه خاصة يمينا وشمالا عدم الخروج به عن القبلة ، بل أقصاه توجه النظر إلى الجهتين ، وإلا فصفحة الوجه بل صفحتاه معا إلى القبلة وإن لم يكن على الطريق المتعارف في استقبالهما ، فتأمل جيدا. بل لولا بعض النصوص السابقة وأكثر الفتاوى ومعاقد بعض الإجماعات لأمكن إرادة الالتفات بالكل من الفاحش ، بل ربما احتمل عود الضمير في قوله ( عليه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٣ و ٤ والباب ١ من أبواب قواطع الصلاة ـ الحديث ٩ و ١١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٣.