حرمة القياس عندنا ، وأطلق في موضع من الأولين جوازه من الحاضرة إلى الفائتة وبالعكس ، والظاهر إرادتهما منه في الجملة لا على تفصيله في موضع آخر ، وهذا كله مما يشهد أن هذا العدول أمر تعبدي جاء به الدليل الذي ينبغي اتباعه ، وإلا فلا المضايقة تقتضيه ولا وجوب الترتيب أو استحبابه وجوازه ، كما أن المواسعة لا تنافيه ، ومنه يظهر ضعف الاستدلال به على المضايقة ، وقد أشرنا إليه سابقا.
كما أنه منه يظهر وجوب الاقتصار على المتيقن من دليل العدول ، لشدة مخالفته القواعد المحكمة ، فلا يجوز حينئذ بعد تجاوز محل الاشتراك بين الفرضين بأن ركع لثالثة الظهرين وكان الفائت صبحا كما نص عليه غير واحد من الأصحاب ، بل يحكم حينئذ بصحة المتلبس بها كما بعد الفراغ ، ولعله لما في الروضة من اغتفار الترتيب حال النسيان مع حرمة إبطال العمل ، وإن كان قد يخدش بأنه قد يقول من أوجب الترتيب باختصاص الاغتفار بما بعد الفراغ لا الأثناء ، فيتجه الفساد حينئذ ، والأمر سهل.
وكيف كان فظاهر هم بل هو صريح بعضهم حصر تجاوز محل العدول في ذلك ، وفيه بحث ، لإمكان الاكتفاء بزيادة الواجب مطلقا خصوصا القيام منه ، كما هو ظاهر المنتهى فيه ، بل ربما كان في الصحيح إشعار به في الجملة اقتصارا على المتيقن ، وركنية المزاد (١) وعدمها لا مدخلية لها في ذلك ، إذ ليس المدار في بقائه اغتفار الزيادة سهوا وعدمه لو فرض أنها المعدول إليها ، لعدم الدليل ، وإلا لاقتضى جواز العدول بالصبح بعد الفراغ منها قبل تخلل المنافي ، لعدم زيادة غير التسليم ، والتعبير بإمكان العدول إنما وقع في عباراتهم ، وإلا فلا أثر له في الصحيح (٢) الذي هو دليل العدول ، اللهم
__________________
(١) هكذا في النسخة الأصلية والصحيح « المزيد » بدل « المزاد » لعدم استعمال باب الافعال في الزيادة ولا يجوز القياس في نقل المجرد إلى أي باب يراد.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١.