وهو على المنبر ، ثم رجع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ، ثم عاد حتى فرغ ، ثم أقبل على الناس فقال : أيها الناس فعلت كذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي » وهو ـ مع منعه أولا ، خصوصا مع موافقته لظاهر المحكي عن الشافعي بل وأبي حنيفة ، وقصوره عن معارضة ما تقدم من وجوه ثانيا ـ محتمل لكون العلو بما لا يعتد به كالمرقاة السفلى وكونه من خواصه ، أو لإرادة مجرد تعليم الصلاة المحتاج إلى الصعود على مرتفع كي يشاهد ، لا أنها صلاة حقيقة ، وغير ذلك ، وسوى الإجماع المدعى في الخلاف الذي هو على تقدير إرادة الكراهة منه واضح المنع ، فوجب الركون حينئذ إلى الموثق المذكور بالنسبة إلى ما تضمنه من الحكم المزبور من غير فرق بين المأمومين الأضراء والبصراء ، لإطلاق الأدلة السابقة.
فما عن أبي علي ـ من أنه لا يكون الإمام أعلى في مقامه بحيث لا يرى المأموم فعله إلا أن يكون المأمومون أضراء ، فإن فرض البصراء الاقتداء بالنظر ، وفرض الأضراء الاقتداء بالسماع إذا صح لهم التوجه ـ في غاية الضعف ، بل وإلى ما تضمنه من الأحكام الأخر كاغتفار العلو الانحداري الذي أشار إليه المصنف جازما به من غير تردد ، فقال ويجوز أن يقف على علو من أرض منحدرة وقد سمعت البحث فيه فيما تقدم ، وكاغتفار العلو الدفعي المعتد به بالنسبة للمأموم فضلا عن الانحداري وغير المعتد به من الدفعي كما يدل عليه الموثق الآخر (١) أيضا ، وأشار إليه المصنف أيضا بقوله ولو كان المأموم على بناء عال كان جائزا كغيره من الأصحاب ، بل لا أجد فيه خلافا كما اعترف به في الرياض ، بل في المنتهى وعن الذخيرة نسبته إلى علمائنا ، وفي المدارك إلى قطع الأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع ، بل في الخلاف والتنقيح دعواه صريحا ، وفي المفاتيح لا بأس به قولا واحدا ، بل في التذكرة والروض وعن الغرية
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ١.