المتيقن ، وليسا من الشواذ ، بل عمل بهما ابن زهرة في الغنية مدعيا الإجماع عليه والإشارة والمدارك والمفاتيح والحدائق وغيرها ، بل حكي عن السيد وظاهر الكليني والصدوق أيضا ـ يدفعه قوة الظن بإرادة الفضيلة والاستحباب من الصحيح المذكور ، بل والكراهة مع التباعد بما لا يتخطى.
ولقد أجاد الحلي في سرائره بقوله : « وينبغي أن يكون بين كل صفين قدر مسقط الإنسان أو مربض عنز إذا سجد ، فان تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطى كان مكروها شديد الكراهية حتى أنه قد ورد بلفظ لا تجوز » إلى آخره ، خصوصا مع ملاحظة الشهرة العظيمة بين الأصحاب التي كادت تكون إجماعا ، بل هي كذلك في ظاهر معقد إجماع إرشاد الجعفرية المتقدم وغيرها ، وإعراضهم عن هذا الصحيح مع أنه بمرأى منهم ومسمع وبين أيديهم ، بل قد استدلوا ببعضه بحيث لا يحتمل خفاؤه عليهم ، بل عن المصنف نفسه كغيره من الأصحاب ذكره له بالخصوص فيما نحن فيه ، إلا أنه أعرض عنه حاملا له على الندب معللا لذلك باستبعاد القول بشرطية ما فيه ، بل قد يظهر منه عدم وقوفه على قائل به ، نعم عن العلامة أنه نسبه إلى الحلبي خاصة ، كما أنه في الذكرى نسبه اليه وإلى ابن زهرة خاصة ، وظاهره انحصار الخلاف فيهما ، وهو كذلك ، لعدم تحققه من غيرهما ، إذ متأخرو المتأخرين كصاحب المدارك والمفاتيح والذخيرة والحدائق ممن لا يعتد في رفع الشذوذ عن الأخبار بفتاواهم ، كما أنه لا يعتد بخلافهم في اعتبار الخبر والعمل به والركون اليه كما هو واضح للخبير بطريقتهم ، والكليني والصدوق لم يصرحا بذلك ، بل أقصاه روايتهما هذا الصحيح التي هي أعم من العمل به على جهة الوجوب قطعا ، والمرتضى لم يحك عنه إلا قوله : « ينبغي أن يكون بين كل صفين قدر مسقط الجسد ، فان تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطى لم يجز » ولعله يريد الاستحباب مع كراهة الزائد كما يومي اليه لفظ « ينبغي » في كلامه ، فيكون كالمحكي