من أمر أو نهي ، ضرورة حصوله هنا ولو بالمقدمة كما لا يخفى ، وعدم المحالية بل والحرج في التكرار ، ضرورة كونه كمن فاته مقدار ذلك يقينا الذي من المعلوم عدم سقوط الفضاء عنه لمشقته بكثرته ، على أنه لو سلم الحرجية في الجملة فهو سبب ذلك في بعض الأفراد أو أكثرها ، وأقصاه السقوط فيما بتحقق الحرج به دون غيره كما هو ظاهر الأستاذ في كشفه في أول كلامه بل صريحه ، بل قد لا تحتاج مراعاته إلى زيادة تكرير على ما وجب عليه كما في بعض الصور المفروضة في باب الوضوء من الذكرى ، ودعوى الإجماع المركب الذي هو حجة في مثل هذه المسائل عهدتها على مدعيها.
بل قد يقال بوجوب ترجيح إطلاق أدلة المقام على دليل الحرج بناء على قبوله لذلك ، كما أخرج عنه فيما لو كان مقدار هذا المكرر معلوم الفوات ، وإن كان بينهما هنا تعارض العموم من وجه ، لأقلية أفراده منه ، وخروج نظيره من معلوم الفوات بل وكثير من التكليفات من صوم الهجير وقتل النفس ونحوهما عنه دون ذلك ، ومعارضة ذلك كله بتأيد دليل الحرج بعموم رفع المؤاخذة عن الجاهل ، وقوة عمومه من حيث كونه نكرة في سياق الإثبات (١) كما ترى ، بل قد يقال بعدم شمول دليل الحرج له أصلا ، إذ المراد نفيه في الدين لا ما يوجبه العقل عند الاشتباه للمقدمة ، ولعله من ذلك كله حكى في مفتاح الكرامة عن مصابيح أستاذه أنه قال : « المسألة لا تخلو من إشكال وإن كان القول بالسقوط حيث يكون حرج ولا تقصير لا يخلو من قوة » انتهى.
لكن قد يقال بأن قصارى ذلك حصول الشك في اعتبار السقوط (٢) وعدمه
__________________
(١) هكذا في النسخة الأصلية ، والصحيح « النفي » لأن النكرة في دليل عموم نفى الحرج في سياق النفي ، وهو قوله تعالى ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) مضافا إلى أن النكرة في سياق الإثبات لا تفيد العموم أصلا فضلا عن قوة للعموم ، اللهم إلا أن يوجه بأن الضمير في قوله : « وقوة عمومه » راجع إلى رفع المؤاخذة.
(٢) هكذا في النسخة الأصلية ولكن الصواب « الترتيب » إذ لا محصل لشرطية السقوط مضافا إلى أنه قدسسره بصدد تقوية السقوط لا نفيه.