بالترك ، ومع ذلك كله فمن المستبعد جدا أو الممتنع أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين عليهالسلام وغيرهما من القضاة والحكام الذين لا انقطاع لأمور الخصومات والحدود في زمانهم ، بل لعلها في اليوم الواحد تتكرر عند الشخص الواحد منهم مرات كانوا يبحثون وينقرون ويفتشون كما يصنعه المتأخرون من أصحابنا وخفي على من ذكرنا من قدماء أصحابنا كابن الجنيد والمفيد والشيخ ، حتى أن الشيخ حكى إجماع الفرقة وأخبارهم على ذلك ، هذا.
لكن لا يخفى عليك أن هذا الأصل غاية ما يمكن تسليم مقتضاه حمل ما يقع من المسلم من ذي الوجوه قولا أو فعلا على الوجه الصحيح منها ، وأنه لا يجوز التفتيش عن ما يقتضي فساد فعله ، بل يغض السمع والبصر ويحمل على الحسن ما لم يكن الفعل والقول نصا في الفساد أو ظاهرا فيه على الأقوى ، وإلا لم يمكن الجرح إلا نادرا ، لا أن مقتضاه أن لا يقع منه ما يقتضي الفسق وما لا وجه له إلا هو ، وملاحظة الأخبار بالنسبة للطهارة والنجاسة والذبائح والمناكح ونحوها من المعاملات والعبادات لا تفيد أزيد من ذلك ، ولا ينافيه رد شهادته حيث يشهد وإن كان الأصل يقتضي أن لا تكون زورا ، لكن ذلك في نفسه لو علم لا يكفي في قبول الشهادة ، لاحتمال الوهم والنسيان والدخول إليها بمدخل شرعي فاسد وإن كان معذورا فيه ، على أن اشتراط العدالة فيها تعبدي يرتفع أثر هذه الاحتمالات عندها ، فمورد أصل الصحة حينئذ الفعل المعلوم أنه محتمل في نفسه لوجوه متعددة ، لا المحتمل أنه من المحتمل ، وإلا فقد يكون هو في نفسه مما لا يحتمل إلا الفساد ، فتأمل.
ودعوى أنه كما أن الأصل حمل فعل المسلم على الوجه الصحيح كذلك الأصل في المسلم أن لا يخل بواجب ولا بترك محرم ولذا لا يلتفت إلى الشك في شيء من الواجبات الموقتة بعد فوات وقتها ممنوعة ، وعدم الالتفات المزبور للدليل ، ولو سلم كل