إذ يدفعها أيضا ظهور إرادة القائلين بأن العدالة حسن الظاهر اشتراط ذلك بعدم وقوع الكبيرة منه مع ذلك وإن أطلقوا ، فيكون العدالة منهم حسن الظاهر مع عدم وقوع الكبيرة معه ولو باطنا.
أو يقال إن العدالة عندهم كما يومي اليه كلام ابن إدريس وغيره عبارة عن اجتناب جميع الكبائر التي منها الإصرار على الصغائر واقعا سواء كان ذلك عن ملكة أو كان بعضها عنها والآخر عن مجرد اتفاق ، لكن الطريق إلى الحكم بكون الرجل مجتنبا للكبائر حسن الظاهر على حسب ما يستفاد من الأخبار ، فيكون هي في الواقع ذلك وإن كان الحكم بتحققها شرعيا ، فمن اطلع حينئذ على وقوع كبيرة من شخص ولو متسترا ذهبت عدالته ، ولا يجوز له أن يصلي خلفه ، إذ حسن الظاهر غير مثمر بعد الاطلاع على انتفائها ، إذ الفرض أنها عبارة عن اجتناب الكبائر واقعا ، ولا ينافي ذلك كونه يحرم على المطلع أن يتكلم لمكان كونه غيبة ، نعم لو دعي إلى الشهادة في مقام الجرح وجب عليه أن يشهد للإجماع على جوازها في مثل هذا المقام ، وتنقدح حينئذ أصل العدالة وإن كان صدور المعصية منه على وجه التستر بحيث لا ينافي حسن الظاهر قطعا ، ومن ذلك يظهر حينئذ وجه تقديم الجرح على التعديل ، لكون المعدل يثبت حسن الظاهر والجارح لا ينفيه ، بل يقول : إني اطلعت منه على ما يذهب العدالة وإن بقي حسن ظاهره.
فقول الأصحاب العدالة حسن الظاهر لا يخلو من مسامحة ، إذ حسن الظاهر نفسه ليس بعدالة ، بل العدالة غيره ، وهو طريق إليها ، وليست هي الملكة كما يقوله المتأخرون ، فتأمل جيدا.
ودعوى أن الملكة عندهم هي هذه القوة التي انتظم بها حسن الظاهر ، إذ حسن الظاهر لا يكون إلا عن ملكة وقوة يصدر عنها واضحة المنع أولا ، والفساد ثانيا ،