ضرورة كثرة وقوع ملكة التدليس ، على أن حسن الظاهر قد يكون لا عن ملكة بل مجرد اتفاق ، بل لا معنى لاشتراط الملكة حينئذ بالتقرير المتقدم ، بل هو في الحقيقة رجوع للقول بحسن الظاهر ، كما هو واضح.
فظهر لك من ذلك كله بحمد الله شدة ضعف القول بأنها الملكة ، بل لعله مساو في الضعف للقول الأول فيها ، وقد سمعت أن الخراساني اعترف بعدم الشاهد له في فتاوى القدماء من أصحابنا ، وأنه اقتفوا به أثر العامة ، وبأنه لا شاهد له في النصوص أصلا ، ولعله كذلك ، والصحيحة (١) التي هي أشد ما ورد في أمر العدالة قد عرفت أنه لا دلالة فيها على القول بالملكة بوجه من الوجوه ، مع أنها على اختلاف متنها قد اشتملت على ما لا يقدح في العدالة إجماعا كحضور الجماعة ، ومن هنا احتمل بعضهم أن يراد بها كون الرجل معروف العدالة بين المسلمين حتى تصير شهادته حجة لكل من احتاج منهم ، ومتلقاة بالقبول ، ودلت أيضا على أن حضور الجماعة واجب ، وأنه يحرق بيت من لم يحضرها ، ولعل المراد من لم يحضرها رغبة عنها مع وجود إمام المسلمين عليهالسلام ، فان ذلك قد يؤدي إلى الكفر ، والأمر سهل.
لكن قد يناقش الخراساني بأن في بعض النصوص إشارة إلى اعتبار الملكة في العدالة كالخبر المروي (٢) عن تفسير العسكري عن علي بن الحسين (ع) واحتجاج الطبرسي عن الرضا عنه عليهماالسلام قال : « إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته ومنبته وتماوت في منطقه وتخاضع في حركاته فرويدا لا يغرنكم ، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب المحارم منها لضعف قيمته ( بنيته خ ل ) فنصب الدين فخا لها ، فهو لا يزال يخيل الناس بظاهره ، فان تمكن من حرام اقتحمه ، وإذا وجدتموه يعف عن المال الحرام
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من كتاب الشهادات ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ١٤.