العالم على الهاشمي قائلا له : « إنكم سادات الناس والعلماء ساداتكم » وخصوصا إذا جمعوا مع ذلك باقي الصفات الأخر والورع والتقوى والرياضات النفسانية حتى تشرحت أذهانهم وصاروا يعرفون من الله ما لا يعرفه غيرهم.
مضافا إلى ما في إمامة المفضول بالفاضل من الاستنكار عقلا وعادة حتى حكى في الذكرى عن ابن أبي عقيل منع ذلك ومنع إمامة الجاهل بالعالم ، وقال : « إن أراد الكراهية فحسن ، وإن أراد به التحريم أمكن استناده إلى أن ذلك يقبح عقلا ، وهو الذي اعتمد عليه محققوا الأصوليين في الإمامة الكبرى ، ولقوله جل اسمه ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى ، فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) وللخبرين المتقدمين في كلام ابن بابويه » إلى آخره ، وهو ظاهر في أنه هو أيضا محتمل له ، فتأمل.
ومن ذلك كله مال بعض متأخري المتأخرين وجزم به آخر من تقديم الأفقه عليه حاملين لتلك الأخبار على التقية ، أو على أن المراد بالأقرإ فيها العالم بالأحكام مع القراءة أيضا ، لأنها في زمن الصحابة كانت مستلزمة للفقه ، إذ حكي عن ابن مسعود أنا كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها وأحكامها والمراد منها ، أو على إرادة ذلك الزمان مما كان أمر العلم فيه بسبب وجود النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بين أظهرهم قليلا وسهلا ، بخلاف أمر القراءة ، بل لعل تفاضلهم في ذلك الزمان إنما كان بها كما وكيفا واستعمالا ، بل كان من مقتضى الحكمة والمصلحة شدة الحث والتأكيد في حفظ القرآن وضبطه وتعلمه وتعليمه ، لأنه مفجر النبوة ، ومن أعظم منن الله على هذه الأمة ، ولعل ذا أقرب من الأولين ، إذ احتمال التقية في مثل المقام ضعيف جدا ، خصوصا مع قول جماعة منهم كالشافعي وغيره بتقديم الأفقه ، كضعف الاحتمال للثاني ، لذكر الأفقه والعالم بأحكام السنة في الأخبار المزبورة بعد ذلك ، ودعوى إرادة العالم