العصر بتقصير ، وهي ركعتان لانه خرج في السفر قبل أن يحضر العصر » ـ ضعيفة جدا إذ الاستصحاب ـ مع إمكان منع جريانه في نحو المقام باعتبار أن الذي يجب في أول الوقت انما هو كلي الصلاة لا شخصها ، ويتخير المكلف في الإيقاع في أي جزء شاء من الزمان الموسع على حسب ما يقتضيه تكليف ذلك الجزء بخصوصه وضوء أو تيمما أو جلوسا أو اضطجاعا ونحو ذلك ، نعم في بعضها لا يجوز للمكلف نقل حاله اليه اختيارا ، وبعضها يجوز كما في المقام ، إذ لا ريب أن التخيير في الشيء تخيير في لوازمه ، ولذا قيل إنه يستفاد بدلالة الإشارة من التوسعة في الوقت ومما دل على إباحة السفر مطلقا تخيير المكلف في الصلاة بين الإتمام بأن يصليها وهو حاضر وبين القصر بأن يسافر فيصليها كذلك ، كدلالة الآيتين (١) على أقل الحمل ـ مقطوع بما سمعت من الأدلة السابقة ، وكذا إطلاق أدلة التمام التي استفيد منها أصالته بعد الغض عن المناقشة فيه ، وأما إطلاق أدلة وجوبه على الحاضر فقد عرفت وضوح عدم شمولها للمقام ، ومع التسليم فهو معارض بمثله ، ومقيد بما عرفت ، والفرق بين المقام وبين الحائض والمغمى عليه في غاية الوضوح ، فقياسه حينئذ عليهما مع حرمته مع الفارق ، كوضوح منع الإتمام في القضاء ، إذ هو تابع للكلام في الأداء ، ولو سلم لفرض دليل يدل على اعتبار القضاء بحال الوجوب دون الأداء فلا ينبغي قياس المقام عليه أيضا ، كما أن عدم وجوب الإفطار للدليل وإن كان هو مسافرا لا يستلزم عدم القصر الواجب على المسافر ، ولذا وجب القصر عليه باعتراف الخصم دون الإفطار إذا فرض سفره حين الزوال بحيث لم يمض منه مقدار أداء الصلاة ، أو في وقت اختصاص الظهر دون العصر ، وكذا لا تلازم بين الإتمام في الفريضة التي تحقق السفر في أثنائها وبين المقام ، إذ لعله لاشتراط القصر بسبق تحقق السفر على افتتاح الصلاة ، مع أنه يمكن منع الأصل إذا فرض تحقق
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٣٣ ، وسورة الأحقاف ، الآية ١٤.