السفر في الأثناء قبل أن يتجاوز محل القصر ، لانتقال تكليفه حينئذ مثل من نوى الإقامة في أثناء الصلاة أو رجع عنها كذلك ، فتأمل ، كما أنه يمكن النقض بالعكس فيما افتتح الصلاة على القصر ثم صار حاضرا في أثنائها ، فإن المتجه حينئذ على مذاق الخصم القصر ، لأن الصلاة على ما افتتحت عليه ، مع أنه لا يلتزم القول بالقصر إذا اتصف بالحضور قبل الشروع في الصلاة ، فيعلم عدم التلازم بين المسألتين.
وصحيح ابن مسلم ـ مع قصوره عن معارضة ما تقدم من الأدلة من وجوه ، منها الشهرة والموافقة للإطلاقات ، خصوصا مع اضطراب سنده ومتنه في الجملة بالنسبة إلى رواية التهذيب له ـ محتمل لإرادة الصلاة أربعا في البلد عند إرادة الخروج الى السفر أو قبل تجاوز محل الترخص ثم يسافر ، إذ يصدق عليه حينئذ أنه خرج الى سفره ، كخبره الآخر ، وأما خبر بشير النبال فهو ضعيف السند لا يصلح لمعارضة بعض ما عرفت فضلا عن جميعه ، خصوصا مع احتماله الحمل على التقية كسابقه كما في الرياض ، والموثق ـ مع قصوره عن المقاومة أيضا ـ لا ينطبق على المختار عندنا من دخول وقت الظهر بمجرد الزوال واشتراكها مع العصر بما بعد وقت الاختصاص ، أو مطلقا على القولين.
ومن ذلك كله تعرف ما في المحكي عن بعض أفاضل المتأخرين من التوقف وعدم الترجيح معللا له بتعارض الصحيحين واحتمال كل منهما الحمل على الآخر ، إذ لا يخفى عليك رجحان حمل هذا الصحيح على الأول للشهرة والإجماع المحكي والموافقة للعمومات والإطلاقات ، وأقربية التصرف فيه من التصرف في الأول ، إذ غايته صرف الأمر فيه بالتقصير إلى صورة الخروج من البلد بعد دخول الوقت من غير مضي مقدار الصلاة بالشرائط كما سمعته سابقا ، وهو في غاية البعد ، لأن الخروج الى محل الترخص بعد دخول الوقت في المنزل كما هو نص مورده يستلزم مضي وقت الصلاتين بل وأكثر ، ولا أقل من أحدهما قطعا ، مع أنه عليهالسلام أمر بالقصر من غير استفصال عن مضي