والأشبه المنع عند المصنف والشيخ وغيره من الأصحاب ، بل في المسالك « لم يعرف القائل بالجواز منا » قلت : لا لأن الخلع من عقود المعاوضة ، فلا يجوز لزوم العوض لغير صاحب المعوض ـ كالبيع لو قال : « بعتك كذا بمأة في ذمة فلان » ـ لإمكان الجواب عنه بما عرفت من عدم كون المقام منها ، خصوصا والمعوض هنا فكها من قيد النكاح ، فهو من قبيل الصلح الإسقاطي الذي يصح وقوعه من المتبرع ، بل لأن المستفاد من الكتاب (١) والسنة (٢) مشروعية الفدية منها ولو بواسطة وكيلها ، أما المتبرع فيبقى على أصل المنع ، إذ قد عرفت أنه لا إطلاق ولا عموم يقتضي مشروعية هذا القسم من طلاق الفدية المسمى بالخلع وطلاق العوض على وجه تجري عليه أحكامه ، من كونه طلاقا بائنا إلا مع رجوعها بالبذل وغيره من أحكامه ، ومن هنا كان فرض المقام على وجه الجعالة من الأجنبي خروجا عن البحث ، ضرورة عدم جريان أحكام الخلع على ذلك على فرض صحته.
ولا فرق فيما ذكرنا بين القول بكون المقام من الفداء أو المعاوضة أو الطلاق أو الفسخ ، إذ على كل حال مبنى المشروعية على الأدلة الخاصة التي لا شمول فيها للأجنبي ، بل ولا للضامن باذنها على الوجه المزبور ، فالمتجه منعه حينئذ إن لم يكن إجماعا ، إلا أن يرجع إلى الوكالة في القرض في صورة الدفع ونحوه مما يمكن إجراؤه على القواعد الشرعية.
نعم قد يقال فيهما : إن الآية (٣) وما شابهها من السنة (٤) تقتضي جواز فدائها نفسها بمال الغير مع الإذن على وجه لا رجوع به عليها ، وربما يدعى ظهور اتفاقهم فيما يأتي على جواز فداء الأمة نفسها بمال سيدها مع إذنه ، بناء على مساواته لذلك ، إذ كونه سيدا لا يقتضي كونه وكيلا أو وليا ، وكون البضع له لا ينافي كون مشروعية الفداء بشيء يتبعها بعد العتق.
__________________
(١) و (٣) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢٩.
(٢) و (٤) الوسائل الباب ـ ١ و ٤ ـ من كتاب الخلع والمبارأة.