والعمدة إنّما هي الرواية الثانية ، فإن الصرمي وإن لم يوثّق في كتب الرجال ، لكنه مذكور في أسانيد كامل الزيارات. فالرواية موثقة (١) وقد جمع بينها وبين الروايات المتقدمة بالحمل على الكراهة.
لكنه كما ترى لا مسرح له في مثل المقام مما ورد النفي والإثبات على موضوع واحد بلسان الجواز وعدمه ، وإنما يتجه فيما إذا كان أحد الدليلين ظاهراً في المنع ، والآخر نصّاً في الجواز أو أظهر منه ، فيرفع اليد عن الظهور بنصوصية الآخر أو أظهريته ، كما إذا ورد النهي عن شيء وورد الترخيص في ارتكابه ، كقوله : لا تفعل كذا مع قوله : لا بأس في الإتيان به.
وأما في المقام فالدلالتان على حد سواء ظهوراً أو صراحة ، وقد دلت هذه الرواية على الجواز صريحاً ، والروايات المتقدمة على عدم الجواز كذلك ، ومثلهما يعدّان متعارضين لدى العرف ، وليس أحدهما أظهر من الآخر ، فالحمل على الكراهة في مثله ليس من الجمع العرفي في شيء كما لا يخفى.
فالمتعيّن هو الرجوع إلى المرجّح السندي بعد امتناع الجمع الدلالي ، وحيث إنّ تلك الروايات مضافاً إلى أشهريتها وأكثريتها مخالفة للعامة وهذه موافقة لهم ، فلتحمل هذه على التقية لا سيّما في مثل الرواية الأخيرة المشتملة على المكاتبة التي هي أقرب إلى التقية ، ولا ينافيه تصريح الراوي بقوله : من غير تقية ، فإنّ فرض عدم التقية من قبل الراوي لا يؤثّر في تشخيص وظيفة الإمام عليهالسلام من إلقاء الحكم بنحو التقية لو رأى عليهالسلام تمامية موازينها ، فإنه عليهالسلام أعرف بوظيفته.
ثم إنه ربما يجمع بين الطائفتين بوجهين آخرين :
أحدهما : ما عن الشيخ قدسسره من حمل أخبار الجواز على الضرورة (٢).
__________________
(١) حسب الرأي السابق ، وقد عدل ( دام ظله ) عنه أخيراً.
(٢) التهذيب ٢ : ٣٠٨.