وفيه : ما لا يخفى ، فإنه مضافاً إلى كونه جمعاً تبرعياً لا شاهد عليه ينافيه التقييد بعدم الضرورة في نفس الأخبار كما في خبر الصنعاني المتقدم ، ومن البعيد جدّاً إعراض الامام عليهالسلام عن بيان حكم عدم الضرورة الذي فرضه السائل والتعرض لحكم الضرورة.
ثانيهما : حمل أخبار الجواز على مادة اللباس وهي القطن والكتّان قبل الغزل والنسج ، وأخبار المنع على ما بعدهما المتصف باللباس فعلاً ، ويجعل الشاهد على هذا الجمع رواية تحف العقول عن الصادق عليهالسلام في حديث « قال : وكل شيء يكون غذاء الإنسان في مطعمه أو مشربه أو ملبسه فلا تجوز الصلاة عليه ولا السجود ، إلاّ ما كان من نبات الأرض من غير ثمر قبل أن يصير مغزولاً ، فإذا صار غزلاً فلا تجوز الصلاة عليه إلاّ في حال ضرورة » (١).
وفيه : أنّ الرواية ضعيفة السند بالإرسال ، فلا تصلح شاهدة للجمع. على أنّ أخبار المنع في نفسها آبية عن هذا الحمل ، فإنّ ما أكل أو لبس استثناء عن نبات الأرض ، فلا بد من صدق عنوان النبات عليه رعاية لاتصال الاستثناء الذي هو الظاهر منه ، ولا يتحقق ذلك إلاّ قبل معالجته بالنسج أو الطبخ ، وإلاّ فبعد العلاج لا يصدق عليه نبات الأرض وإنما هو شيء متخذ منه مع مباينته معه فعلاً ، فلا يكون الاستثناء متصلاً ، ومرجع ذلك إلى إرادة القابلية مما أُكل أو لبس ، فكما أنّ الحنطة مثلاً لا يجوز السجود عليها لكونها من نبات الأرض القابل للأكل وإن لم يكن مأكولاً فعلاً ، فكذا القطن فإنه قابل للبس بحسب طبعه وإن لم يكن كذلك فعلاً إلاّ بالعلاج من غزل ونسج.
نعم ، لو ورد في دليلٍ المنعُ عن السجود على الملبوس ، وفي دليل آخر جواز السجود على القطن ، أمكن الجمع المزبور بالحمل على ما قبل النسج وما
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٤٦ / أبواب ما يسجد عليه ب ١ ح ١١ ، تحف العقول : ٣٣٨.