بعنوانه موضوعية للحكم ، ولهذا الوصف العنواني مدخل في الجواز ، وقد تقرّر في محلّه أنّ العامين من وجه إذا لزم من تقديم أحدهما على الآخر محذور دون العكس قدّم الثاني (١).
ونظيره تقديم ما دلّ على أن كل طائر يطير بجناحيه فلا بأس ببوله وخرئه (٢) على قوله : « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (٣) ، فإن النسبة بينهما وإن كانت عموماً من وجه ، إلا أنّ الترجيح مع الأوّل ، إذ لو قدّم الثاني لزم إلغاء عنوان الطيران المخالف لظهور دليل اعتباره كما لا يخفى.
مع أنّه يلزم من تقديم الأدلة المانعة محذور آخر وهو حمل دليل الجواز على الفرد النادر ، بل لغويته من جهة تعذّر الاطلاع غالباً على مادة القرطاس وما اتخذ منه كما أشرنا إليهما آنفاً فلاحظ.
وثالثاً : مع الغض عن جميع ذلك وتسليم استقرار المعارضة من دون مرجّح ، فالمرجع بعد التساقط أصالة البراءة عن تقييد المسجد بعدم كونه قرطاساً متخذاً مما لا يصح السجود عليه ، فانّ المتيقن من التقييد عدم جواز السجود على غير الأرض ونبتها في غير القرطاس ، وأمّا فيه فشك في أصل التكليف يدفع بالبراءة كما هو الشأن في كل ما دار الأمر فيه بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، ولا مجال للرجوع إلى عموم عدم جواز السجود على غير الأرض ونباتها ، لابتلائه بالمعارض في خصوص القرطاس كما هو ظاهر.
فتحصل : أنّ الأقوى جواز السجود على القرطاس مطلقاً ، وإن كان الأحوط عدم السجود على المتخذ من غير النبات ، وأحوط منه اعتبار كون النبات مما يصح السجود عليه.
__________________
(١) مصباح الأصول ٣ : ٢٦٥.
(٢) ورد مضمونه في الوسائل ٣ : ٤١٢ / أبواب النجاسات ب ١٠ ح ١.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.