مضافاً إلى لزوم اللغوية في هذه الأخبار ، لتعذر الاطلاع غالباً على مادة القرطاس ، وأنّها مما يصح السجود عليه أم لا ، إلا بالرجوع إلى أهل الخبرة ومهرة الفن غير المتيسر لأغلب الناس ، مع أنّ من أجزائه النورة التي لا يجوز السجود عليها بعد الطبخ عند المشهور ، وعليه فلا مناص من الإغضاء عن المادة وملاحظة حاله الفعلي ، وحيث إنّه بالفعل لا يعدّ من الأرض ولا من نبتها كما عرفت ، وقد دلت الأخبار على جواز السجود عليه كما مرّ ، فلا مناص من الالتزام بالتخصيص فيما دل على المنع عن السجود على غير الأرض ونباتها ، والالتزام باستثناء القرطاس عن الأدلة المانعة ، لكونه أخص منها مطلقاً ، وحيث لا دليل على تقييده بنوع خاص فيتمسك بالإطلاق في دليل التخصيص.
وثانياً : مع الغض عما ذكر وتسليم عدم الاستحالة نقول : إنّ النسبة بين دليل الجواز وما دل على المنع عن السجود على غير الأرض ونباتها عموم (١) من وجه ، لافتراق الأوّل في القرطاس المتخذ من مثل الحشيش ونحوه ، وافتراق الثاني في غير القرطاس مما لم يكن من الأرض ونبتها ، ومادة الاجتماع هو القرطاس المتخذ من غير الأرض ونبتها كالمتخذ من الصوف أو الحرير ، فيتعارضان فيها ، لكن الترجيح مع الأوّل ، أعني دليل جواز السجود على القرطاس ، إذ لا يلزم منه محذور عدا الالتزام بالتخصيص في الأدلة المانعة عن السجود على غير الأرض ونباتها ، بخلاف العكس ، إذ يلزم من تقديم الثاني وهي الأدلة المانعة المحذور وهو إلغاء عنوان القرطاسية ، وعدم دخله بخصوصه في ثبوت الحكم ، إذ العبرة حينئذ في الجواز بكون ما يسجد عليه من الأرض أو نباتها ، سواء أكان قرطاساً أم غيره ، مع أنّ ظاهر النصوص أن للقرطاس
__________________
(١) هذا مبني على أن يكون لدليل الجواز عموم أو إطلاق ، والمفروض أنّ المناقش ينكر ذلك ويرى أنه عليهالسلام لم يكن في مقام البيان لينعقد الإطلاق فلاحظ.