هارون الإقامة من الصلاة ، فإذا أقمت فلا تتكلّم ولا تؤم بيدك » (١) ، وقوله عليهالسلام في رواية يونس الشيباني : « ... إذا أقمت الصلاة فأقم مترسلاً فإنّك في الصلاة ... » إلخ (٢).
وفيه : مضافاً إلى ضعف تلك النصوص بأسرها ، أنّها قاصرة الدلالة ، إذ [ لا ] يخلو إمّا أن يراد بها أنّها من الصلاة حقيقة أو تنزيلاً.
لا سبيل إلى الأوّل بالضرورة ، لمنافاته مع النصوص المستفيضة الصريحة في أنّ أولها التكبيرة وآخرها التسليم ، ومن ثم لا يبطلها منافيات الصلاة من الاستدبار ونحوه ، فيتعّين الثاني ، ومن البيّن أنّ التنزيل ناظر إلى خصوص الأُمور المذكورة في تلك النصوص كعدم التكلم والإيماء باليد المذكورين في رواية أبي هارون ، فيراد أنّ الداخل في الإقامة بمثابة الداخل في الصلاة في أنّه لا ينبغي التكلم ولا الإيماء باليد ، فالتنزيل ناظر إلى هذا المقدار لا إلى جميع الآثار ليدل على الوجوب.
ومنها : النصوص الواردة في ناسي الأذان والإقامة حتى دخل الصلاة الآمرة بقطعها لتداركهما ، كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذّن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذّن وأقم واستفتح الصلاة ، وإن كنت قد ركعت فأتمّ على صلاتك » (٣).
وتقريب الاستدلال بها من وجهين :
أحدهما : أنّ قطع الفريضة محرّم في نفسه ، فلو كانت الإقامة مستحبة كيف ساغ ارتكاب الحرام لإدراك ما لا يلزم دركه ، فتجويز القطع خير دليل على الوجوب ، بل كونه أهمّ من حرمة القطع.
ثانيهما : أنّ الصحيحة ظاهرة في وجوب القطع ومقتضى استحباب الإقامة
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٩٦ / أبواب الأذان والإقامة ب ١٠ ح ١٢.
(٢) الوسائل ٥ : ٤٠٣ / أبواب الأذان والإقامة ب ١٣ ح ٩.
(٣) الوسائل ٥ : ٤٣٤ / أبواب الأذان والإقامة ب ٢٩ ح ٣.