ولعله بلحاظ الثاني الذي هو أظهر الأثرين وأبرزهما كما لا يخفى ، فتكونان حينئذ أجنبيتين عن محل الكلام.
وأمّا الثالثة : فهي أجنبية عن محل الكلام بالكلية ، إذ ليس مفادها ما عدا أنّه عليهالسلام هو وجدّه جمعا بين الصلاتين في ليلة مطيرة ولم يتنفلا بينهما ، وأمّا أنّ التنفّل هل هو قادح في الجمع أو لا ، فلا إيعاز إلى ذلك فضلاً عن الدلالة ، فإنّها حكاية فعل مجمل العنوان كما لا يخفى.
والمتحصل : أنّه لم ينهض ما يدل على أنّ الإتيان بالنافلة بمجرده يستوجب التفريق المنافي للجمع المحكوم بسقوط الأذان معه على القول به.
والذي ينبغي أن يقال : إنّ سقوط الأذان تارة يكون لأجل الجمع وأُخرى لجهات اخرى.
أمّا الجمع : فقد عرفت أنّ كبرى السقوط تحت هذا العنوان لا دليل عليها وإن ذهب إليها المشهور ، فلا مجال للبحث عن أنّ تخلل النافلة قادح أم لا.
وأمّا المسلوس فقد تقدم أنّ سقوط الأذان فيه رخصة لا عزيمة ، ومعه لا جدوى للبحث عن قدح تخلل النافلة وعدمه كما لا يخفى. وإنّما تظهر النتيجة فيما إذا كان السقوط على سبيل العزيمة كما في عرفات ومزدلفة حيث نطقت صحيحة ابن سنان بجريان السنّة على سقوط الأذان حسبما تقدّم (١) لكنّ الغالب في عرفات سقوط النافلة ، لكون الحاج مسافراً ، ووضوح سقوط نوافل الظهرين في السفر.
وأمّا لو كان حاضراً فتنفّل أو تنفّل بين العشاءين في المزدلفة ، فهل يكون هذا التخلل قادحاً في سقوط الأذان؟
مقتضى إطلاق صحيح ابن سنان المشار إليه هو العدم ، إذ لم يؤخذ فيه عنوان الجمع كي يتوهم انثلامه بالتنفل ، بل المأخوذ فيه القيام إلى الثانية بعد
__________________
(١) في ص ٢٧١.