وأمّا الثانية : فكذلك ، إذ مضافاً إلى ما عرفت من ضعف الراوي بنفسه ، قد اشتمل السند على سلمة بن الخطاب وهو وإن ورد في أسناد كامل الزيارات ولكنه معارض بتضعيف النجاشي (١) له صريحاً ، وكذلك العلامة (٢) وابن الغضائري (٣) ، والعمدة هو الأوّل. وأمّا الحسين بن يوسف فهو من رجال كامل الزيارات.
وبالجملة : فالروايتان كلتاهما ضعيفتان سنداً ولم يتضح وجه لتعبير صاحب الحدائق (٤) عن الأُولى بالموثقة.
على أنّهما قاصرتان دلالة أيضاً ، نظراً إلى أنّهما قد تضمّنتا تنزيل الجمع المقرون بالتطوع منزلة التفريق ، وله أثران كل منهما يصلح أن يكون التنزيل بلحاظه أحدهما عدم سقوط الأذان ، والثاني استحبابه في نفسه ، حيث إنّه يستحب إيقاع كل صلاة في وقت فضيلتها وهو أمر مرغوب فيه عند الشارع ، وقد دلت النصوص الكثيرة أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يفرّق بين الصلاتين ، فكان الناس ينصرفون إلى بيوتهم ثم يرجعون لإقامة الصلاة الثانية ، فدلّت هذه على حصول التفريق بتخلل النافلة من دون حاجة إلى الصبر وانتظار دخول الوقت كما هو المتعارف في عصرنا بالإضافة إلى العشاءين ، فيكون مفادها مفاد ما في غير واحد من الأخبار من أنّه إذا زالت الشمس فقد دخل الوقتان ، ولا يمنعك إلا سبحتك وهي النافلة. وقد ذكرنا في مبحث الأوقات أنّ التحديد بالقدم والقدمين أو الذراع والذراعين إشارة إلى ذلك (٥).
وكيف ما كان : فلم يعلم أنّ التنزيل في الروايتين بلحاظ أيّ من الأثرين ،
__________________
(١) رجال النجاشي : ١٨٧ / ٤٩٨.
(٢) الخلاصة : ٣٥٤ / ١٤٠٢.
(٣) مجمع الرجال ٣ : ١٥٢.
(٤) الحدائق ٧ : ٣٧٩.
(٥) شرح العروة ١١ : ١٥٦.