المصرّحة بالتفصيل وإناطة السقوط بعدم التفرق.
وهل العبرة بتفرّق الصفوف بأجمعها بحيث لا تبقى هيئة للجماعة عرفاً ، فلو ذهب نصفهم مثلاً ، لم يصدق التفرق ، لبقاء الهيئة العرفية وقيامها بالنصف الباقي ، أو أنّه يكفي التفرق في الجملة ولو بذهاب بعضهم؟
ربما يشهد للثاني إطلاق موثقة أبي بصير (١) لظهورها في أنّ العبرة بتفرّق الصف الحاصل ولو بخروج البعض ، لكن الأظهر حسبما هو المنسبق إلى الذهن في أمثال المقام من الإناطة بالصدق العرفي هو الأوّل ، كما قد تشهد به موثقة أبي على حيث دلت على عدم حصول التفرق بخروج البعض واشتغال البعض الآخر بالتعقيب ، وبها ترفع اليد عن الإطلاق المزبور.
وكيف ما كان ، فعلى تقدير الترديد في المراد من التفرق فاللازم الاقتصار على المقدار المتيقن من السقوط ، والرجوع فيما عداه إلى إطلاقات الأذان والإقامة على ما هو الشأن في كل مخصص منفصل مجمل دائر بين الأقل والأكثر ، هذا.
ويظهر مما ورد في كتاب زيد النرسي خلاف ما ذكرناه ، فقد روى عن عبيد ابن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : إذا أدركت الجماعة وقد انصرف القوم ووجدت الامام مكانه وأهل المسجد قبل أن ينصرفوا ، أجزأ أذانهم وإقامتهم ، فاستفتح الصلاة لنفسك ، وإذا وافيتهم وقد انصرفوا عن صلاتهم وهم جلوس أجزأ إقامة بغير أذان ، وإن وجدتهم وقد تفرّقوا وخرج بعضهم عن المسجد فأذّن وأقم لنفسك » (٢).
حيث تضمنت تقسيم مُدرك الجماعة بعد الانصراف إلى حالات ثلاث : فتارة يدركها والإمام جالس والقوم لم يتفرقوا ، وأُخرى حال جلوس القوم ، وثالثة بعد تفرّقهم وخروج بعضهم عن المسجد.
__________________
(١) المتقدّمة في ص ٢٨٩.
(٢) المستدرك ٤ : ٤٦ / أبواب الأذان والإقامة ب ٢٢ ح ١.