عليه الإجماع في بعض الكلمات ، وأمّا في أذان الإعلام فالأكثر على المنع وإن ذهب جماعة إلى الجواز.
ويقع الكلام تارة فيما تقتضيه القاعدة ، وأُخرى بلحاظ النصوص الخاصة الواردة في المقام فهنا جهتان :
أمّا الجهة الاولى : فلا ينبغي الشك في عدم جواز أخذ الأُجرة على أذان الصلاة المأتي به نيابة عن الغير ، إذ لا دليل على مشروعية النيابة في الأذان ، لظهور الأدلة في اعتبار المباشرة كما لا يخفى. فاذا كان العمل باطلاً في نفسه لم يجز أخذ الأُجرة عليه.
كما لا ينبغي الشك في عدم الجواز فيما إذا أذّن لنفسه لكن بقصد أخذ الأُجرة دون القربة ، لما تقدم (١) من أنّه عبادي فيبطل من دون قصدها ، ولا يجوز أخذ الأُجرة على العمل الباطل كما هو ظاهر.
وأمّا الكلام في أخذ الأُجرة بإزاء الأذان الصادر لنفسه مع قصد التقرب ، فيأخذ الأجرة على عمله القربي لغرض للمستأجر في ذلك ، كان يريد أن يصلي بصلاته ونحوه من الأغراض الدنيوية أو الأُخروية ، فقد يمنع عن صحته لما بينهما من توهم التضاد.
ولكنّا ذكرنا في بحث أخذ الأُجرة على العبادات (٢) أنّه لا ضير فيه ، وأنّ حيثية العبادية لا يصادمها الوقوع في حيّز الإجارة ، فإنّ للأذان حينئذ أمرين : أحدهما : استحبابي نفسي تعبدي فيقصد التقرب بهذا الأمر. وثانيهما : وجوبي توصلي ناشئ من قبل الإجارة ، فيأتي الأجير بذات العمل لله ويكون الباعث على هذا العمل القربي الأمر الايجاري وتفريغ الذمة عمّا وجب عليه بالإجارة شرعاً ، كما لو وجب لجهة أُخرى من نذر أو حلف أو شرط في ضمن عقد وما شاكل ذلك ، فإنّ شيئاً من ذلك لا ينافي العبادية ، عدا ما قد يتوهم من ظهور الأدلة في أنّ الموضوع للمشروعية هو الأذان الذي يكون مملوكاً للمؤذّن وتحت
__________________
(١) في ص ٣٢٢.
(٢) مصباح الفقاهة ١ : ٤٦٢.