الثاني : في الصلاة في السفينة ، وأنها هل تختص بخصوصية تمتاز بها عن غيرها بحيث يحكم بجواز الصلاة فيها اختياراً وإن استلزم الإخلال بما يعتبر في الصلاة أو لا؟
أما الكلام في المورد الأوّل : فقد استدل على اشتراط الاستقرار فيه بوجوه مزيّفة لا ينبغي الالتفات إليها :
منها : قوله صلىاللهعليهوآله : « جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً » (١) بدعوى أنّ المعتبر في السجود أن يكون على الأرض ، فلا تجوز الصلاة على الدابة ، لاستلزامها السجود على غير الأرض.
وفيه : ما لا يخفى ، فإن الرواية مسوقة لبيان عدم اختصاص الصلاة بمكان خاص من مسجد الحرام أو مطلق المساجد أو بيت المقدس كما كان كذلك في الأُمم السابقة ، وأنّ الأرض بأجمعها صالحة للسجود ، وليست بصدد بيان اشتراط الأرضية في المسجدية ، لجواز السجود على قلل الأجبال بلا إشكال ، وكذا الشجرة المرتفعة إذا كان أعلاها مسطّحاً ، بحيث يمكن الصلاة عليه ، وكذا السرير الثابت في المكان ، وكذا الثلج كالشط المنجمد مع عدم صدق الأرض على شيء منها فهي في مقام التوسعة امتناناً دون التضييق.
ويؤيده : عطف الطهور إيعازاً إلى جواز التيمم بمطلق وجه الأرض وعدم الاختصاص بأعاليها ، كما قد يقتضيه لفظ الصعيد ، فالرواية بفقرتيها سيقت لبيان الإرفاق والتسهيل وعدم التضييق في أمر التيمم والصلاة ، لعدم اختصاصهما بمكان خاص كما هو واضح.
ومنها : قوله تعالى ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ ... ) إلخ (٢) بدعوى أنّ الصلاة على الدابة مع كونها معرضاً للبطلان من جهة احتمال الإخلال بالاطمئنان أو بالاستقبال خلاف المحافظة عليها.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٥٠ / أبواب التيمم ب ٧ ح ٢.
(٢) البقرة ٢ : ٢٣٨.