والشرائط الملازم عادة لسير الدابة.
ففي هذه الصورة كما لا قرار للمكان لم تراع الأجزاء والشرائط أيضاً من القيام والسجود والاستقرار والاستقبال ، فمن الجائز أن يكون الوجه في البطلان هو الثاني دون الأوّل ، لما عرفت من الملازمة العادية بينهما ، لا سيّما في مثل الدابة ، فإنّ الراكب عليها عاجز من رعاية ما ذكر إلا نادراً بعلاج ونحوه ، ومثله ينصرف عنه النص قطعاً.
والمنع عن الانصراف بدعوى استفادة الحكم من العموم الوضعي وهو وقوع النكرة في سياق النفي الشامل لجميع الأفراد ، ولا يصادم الانصراف إلا انعقاد الإطلاق دون العموم.
يدفعه أولاً : أنه لا فرق في قادحية الانصراف بين العموم والإطلاق ، ومن هنا يحكم باختصاص مانعية ما لا يؤكل بالحيوان لانصرافه عن الإنسان ، مع أنّ الحكم مستفاد من العموم الوضعي ، أعني لفظة كل الواردة في موثقة ابن بكير قال عليهالسلام فيها : « فالصلاة في روثة وبوله وألبانه وكلّ شيء منه فاسد ». (١).
وثانياً : منع دلالة النكرة الواقعة في سياق النفي على العموم بالوضع ، بل هو بالإطلاق كما حرّر في الأُصول (٢).
وبالجملة : فلا يكاد يستفاد من هذه الروايات اشتراط الاستقرار في المكان بما هو ، بحيث لو فرض التمكن من الصلاة على الدابة السائرة مراعياً للطمأنينة والقيام والركوع والسجود كانت مجرد الحركة التبعية قادحة في الصحة. نعم الفرض في نفسه نادر ولا سيما في الدواب التي كانت الوسائط النقلية منحصرة فيها في الأزمنة السابقة ، وإن كان في بعض الوسائل المستحدثة كالسكك الحديدية ولا سيّما الطائرات بمكان من الإمكان.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلي ب ٢ ح ١. ( نقل بالمضمون ).
(٢) محاضرات في أصول الفقه ٥ : ١٥٨.