المعنى المحكوم بعدم صحة سلبه عنه ، فيلزم اتحاد الموضوع والمحمول مفهوماً ، ـ فلم ـ يبق ـ حينئذ ـ حمل حتى يدّعى عدم صحة نفيه ضرورة عدم صحة حمل الشيء على نفسه ، فلا يجوز الحكم بعدم صحة سلبه ، لأنه في معنى إثبات الحمل ، وقد عرفت امتناعه .
وإن كان المراد باللّفظ ـ في الموضوع ـ غير المعنى المحكوم بعدم صحة سلبه عنه ، فلا يثبت به الوضع لذلك الموضوع ، فإنّ ثبوته لمعنى لا يقتضي ثبوته لمعنى آخر متحد معه في الوجود .
ألٰا ترى أنّ الإنسان متحد مع الضاحك في الوجود ، لتساويهما في الصدق ، ولا يصح سلبه عنه أيضاً ، ومع ذلك استعمال لفظ الإنسان في الضاحك مجاز قطعاً .
وهكذا الكلام في العامين المطلق كما سيجيء توضيحه ـ أيضاً ـ في الوجه الثاني من الإيراد ، فلا يجوز كون عدم صحة السلب علامة لعدم جريانها فيما يفيد الوضع ، وهو صورة اتحاد الموضوع والمحمول ، وعدم إفادته له فيما يجدي ، كمٰا في المتساويين والعامين المطلق .
الثاني : ما ذكره التفتازاني في شرح الشرح (١) ، وهو أنّ علامة الشيء لا بد أن تكون من خواصه ، وعدم صحة السلب ليس كذلك ، لوجوده في بعض الموارد ، الذي نعلم بعدم ثبوت الوضع للموضوع ، كما في المتساويين ، كالانسان والضاحك ، والانسان والناطق ، وكما في الكلي والفرد ، كالإنسان وزيد وعمرو وبكر وهكذا ، أو الحيوان والانسان ، فإنّه لا يجوز سلب أحد المتساويين عن الآخر ، وكذلك سلب الكلي عن فرده ، مع أنّ الوضع الثابت للكلّي منفيّ في الفرد قطعاً ، واستعمال اللّفظ الموضوع للكلّي مجاز فيه بلا شبهة ، وكذا استعمال اللّفظ الموضوع لأحد المتساويين في الآخر ، لعدم الرّيب في مجازيته ، فيثبت أنّ عدم صحة السلب أعم من الوضع ، فلا يكون دليلاً عليه ، وعلامة له .
ولأجل هذين الإيرادين اقتصر بعض بذكر صحّة السلب ، وجعلها علامة وحدها ، وترك عدم صحة السلب كالعضدي ، ولعلّه وافقه بعض آخر أيضاً .
هذا ، والجواب عن الأول : فأوّلاً بالحل .
وبيانه : أنّ امتناع الحمل مسلّم فيما إذا اتّحد الموضوع والمحمول من جميع الجهات ، وأمّا إذا اختلفا من وجه ، فلا ، وإن كانا راجعين في الواقع إلى عنوان واحد ،
___________________________
(١) شرح الشرح : مخطوط .