وأمّا على الثاني : فلأن اللفظ ما بلغ إلى مرتبة توجب اختصاصه بهذا المعنى ، فلا (١) يمكن كونه حقيقة فيه ، بل مجازاً ، وإذا بلغ وحصل الاختصاص ، فهو يناقض بقاء وضعه للمعنى الأصلي ، كما أشرنا إليه في مبحث المنقول والمشترك ، فلا واسطة عقلاً في حال اللفظ بالنسبة إلى هذا المعنى بين النقل وبين المجازية .
وكيف كان ، فالاشتراك إنّما يتصوّر من واضعين ابتداء ، أو واضع واحد بوضعين كذلك ، كما سيأتي في كلام السيّد المحقّق الكاظمي قدّس سرّه (٢) .
أمّا على الأوّل : فلأنّ اختصاص اللفظ بكلّ من المعنيين ـ حينئذ ـ غير ملحوق باختصاصه بالمعنى الآخر ، حتّى يناقض حصوله في أحدهما بقاءه في الآخر ، بل اختصاص كلّ من المعنيين باللفظ في مرتبة واحدة ، لكن لا يكون شيء من الاختصاصين تاماً لحصول التزاحم بينهما .
وأما التخصيصان الموجبان لهما ، فلا نقصان في شيء منهما أصلاً ، بحيث لو انفرد كلّ منهما لكان سبباً للاختصاص التامّ ، إلّا أنّ حصولهما في آن واحد صار مانعاً عن حصول الاختصاص التامّ بشيء (٣) منهما .
والحاصل : أنّ غرض كلّ واحد من الواضعين ـ حينئذٍ ـ حصول الاختصاص التامّ بين اللفظ وبين ما يريد وضعه له ، وأوجد سببه من غير نقصان فيه إلّا أنّه زوحم بوجود سبب أعمّ مثله في مرتبة (٤) .
وأمّا على الثاني : فلأنّه وإن لم يتصوّر فيما إذا كان غرضه حصول الاختصاص التام بين اللفظ وبين كلّ واحد من المعنيين لاستلزامه اجتماع إرادة المتناقضين في إرادته ، نظراً إلى أنّ إرادة اختصاصه ـ بهذا المعنى ـ معناه عدم إرادة شركة الغير له في اللفظ ، وإرادته اختصاصه ـ بذلك المعنى أيضاً ـ معناه إرادة عدم شركة غيره في اللفظ ، فيلزم كونه مريداً لاختصاص اللفظ بكلّ من المعنيين ، ومريداً لعدم اختصاصه بشيء منهما ، إلّا أنّه يتصور فيما إذا كان غرضه حصول الاختصاص بين اللفظ وبين كلّ
___________________________
(١) في الأصل ( لا ) والصحيح ظاهراً المثبت والمراد ( فلأن اللفظ ما لم يبلغ . . . لا يمكن ) .
(٢) صحيفة ٢١٠ ، هامش رقم : ١ .
(٣) في الأصل ( من شيء ) والصحيح المثبت .
(٤) كذا في الاصل والصواب : مرتبته .