من المعنيين في الجملة .
وبعبارة اُخرى يكون غرضه نفي شركة معنى ثالث مع المعنيين في هذا اللفظ .
هذا ، لكنّ الإنصاف عدم ورود الإشكال المذكور على الفرض الثاني ، أعني حصول الوضع للمعنى الثاني من العرف العام أو الخاصّ بالوضع التعييني بالتوجيه المذكور ، فإنّ المناقضة المدّعاة إنّما هي على فرض إرادة الواضع الثاني بقاء اللفظ في المعنى ، واختصاصه به بنحو ما كان أوّلاً من الاختصاص التام ، وكان غرضه ـ أيضاً ـ تخصيص اللفظ بالمعنى الثاني بالتخصيص التامّ ، بمعنى نفي شركة غيره معه في اللفظ .
وأمّا إذا كان غرضه بقاء اختصاص اللفظ في المعنى الأصلي في الجملة ، وحصوله للمعنى الثاني كذلك ، فلا منافاة ، ولا تناقض أصلاً ، بل لا ينبغي التأمل في وقوعه ، فإنّ الأعلام المشتركة كلّها من هذا القبيل ، فإنّ عمراً إذا سمّى ابنه زيداً ، فإذا رزق بكر ولداً أيضاً ، فيسمّيه زيداً ، فلا ريب أنّه لا يقصد هجر اللفظ عن ابن عمرو ، بل غرضه اشتراك ابنه مع ابن عمرو في هذا الاسم فتدبّر .
وكيف كان فمثال ما نحن فيه على ما ذكروه قوله عليه السلام ( الطواف بالبيت صلاة ) (١) لدوران الأمر في الصلاة بين أن تكون مشتركة بين المعنى اللغوي والشرعي ، فيكون الحديث مجملاً ، وبين أن تكون منقولة إلى المعنى الشرعي ، فيكون مبيّناً ، ودليلاً على اعتبار ما اعتبر في الصلاة في الطواف أيضاً بمقتضىٰ التنزيل ، إمّا مطلقاً نظراً إلى عموم المنزلة ، وإمّا بعض أوصافها وشروطها الظاهرة ، كالطهارة من الحدث ، والخبث مثلاً إن لم نقل بعمومها .
وقد يورد عليهم ، مضافاً إلى ما مرّ ، إيراد ان في خصوص المثال المذكور : أوّلهما : أن الظاهر ـ بل كاد أن يكون مقطوعاً ـ أنّ كون الصلاة حقيقة شرعيّة في الأركان المخصوصة ، على القول بها ، ليس بسبب وضع تعييني من الشارع ، بل هي حاصلة بسبب غلبة استعمالها فيها إلى أن أغنت عن القرينة ، فإذن انحصر سبب الحقيقة بالغلبة ، فلا يعقل الاشتراك حينئذ ، كما عرفت سابقاً ، بل الاحتمال معين في النقل خاصة ، فلم يظهر ثمرة المسألة في المثال المذكور ، لأنه ليس من أفرادها ، لما ذكر .
___________________________
(١) عوالي اللاۤلي ٢ ، ١٦٧ ، ٣ ، سنن الدّارمي : ٢ ، ٤٤ كتاب المناسك باب الكلام في الطّواف .