ويعضدنا في ذلك ما حكي عن السيد المحقق الكاظمي في المحصول (١) ما هذا لفظه : وكان ينبغي أن يكون الرجحان للأوّل ، أعني الاشتراك ، لأصالة عدم الهجر ، لكن حدوث المعنى الآخر ـ إن كان في العرف العام ، ويكون بالتجوز والاشتهار ، حتى يهجر الأوّل ، ويختص بالثاني ـ استلزامه للنقل ظاهر ، وإن كان باصطلاح خاص من شرع أو غيره ، فلا معنى لصيرورته حقيقة في المعنى الثاني ـ عندهم ـ إلّا تخصيصه به ، حتى إذا استعملوه في الأوّل كان مجازاً ، وإنّما يتصور الاشتراك من واضعين ابتداء ، أو واضع واحد بوضعين كذلك . انتهى كلامه ( قدّس سرّه ) فإن حصره تصوير الاشتراك فيما ذكره ظاهر في نفيه عن غيره مطلقاً حتّى بسبب الاشتهار .
وأمّا الكلام في الحصر المذكور ، فقد عرفت الحال فيه ، من أنّ الحقّ فيه التفصيل كما عرفت .
وكيف كان ، فمفهوم ما حصره ( قدّس سرّه ) في غاية المتانة فيما إذا كان سبب العلقة الوضعية غلبة الاستعمال ، وأمّا في غيره فقد عرفت الكلام فيه .
وممّا يؤيّد ما ذكرنا من نفي احتمال الاشتراك في لفظ الصلاة ، على القول بكونه حقيقة شرعية ، بل يدل عليه اطباقهم في مسألة الحقيقة الشرعية على وجوب حمل الحقائق الشرعية على معانيها الجديدة ، وأنّه ثمرة البحث في المسألة ، ولا ريب أنّه مع إمكان اجتماع الوضع الجديد مع الوضع القديم حتّى يكون اللفظ مشتركاً بينهما ، لا وجه للحمل المذكور بقول مطلق ، بل لا بدّ من التفصيل بين بقاء الوضع الأوّلي ، فعدم الحمل ، وهجره فالحمل .
___________________________
(١) المحصول في علم الاصول ، مخطوط ، في تعارض الأحوال ، واليك نصّه : الخامسة بين الاشتراك والنقل يكون للّفظ معنىً ثم يصير له معنىً آخر فلا يعلم هل هُجر الأوّل ، فيكون منقولاً ، أو لم يهجر بعد ، فيكون مشتركاً ، وكان ينبغي اَن يكون الرجحان للأوّل ؛ لأصالة عدم الهجر ، لكن حدوث المعنى الآخر ـ إن كان في العرف العام ، وما ليكون إلّا بالتجوز والاشتهار حتّى يهجر الأوّل ، ويختصّ بالثاني ـ استلزامه للنقل ظاهر ، وإن كان باصطلاح خاصّ ـ من شرع أو غيره ـ فلا معنى لصيرورته حقيقة في المعنى الثاني عندهم إلّا تخصيصه به ، حتّى إذا استعملوه في الاوّل كان مجازاً ، وانما يتصوّر الاشتراك من واضعين ابتداء أو من واضع واحد بوضعين كذلك ، وقد اشتهر التمثيل له بلفظ الصّلاة ، واستظهار الثمرة في الترجيح بمثل قوله عليه السلام ( الطّواف بالبيت صلاة ) من حيث إنّه إن كان منقولاً دلّ على وجوب الطهارة بالطّواف ، لأنها مِن أخصّ لوازم الصّلاة ، وأظهرها وإن كان مشتركاً لم ينهض لذلك لاجماله ، وأنت تعلم أنّ اسم العبادة على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة يكون من المنقولات ، وعلى القول بنفيها يكون حقيقة في المعنى اللّغوي ، وليس لاحتمال الاشتراك فيه مجال .