وثالثها : ما قرّره الشيخ محمد تقي (١) من إجرائه في خصوص اللغات . وهو مركب من مقدمتين :
إحداهما : الانسداد الغالبي في معرفة اللغات بمعنى انسداد باب العلم في غالبها .
والاخرى : شدّة الاحتياج إليها ، فإن الانسداد بمجرّده لا يكفي في إثبات اعتبار الظن بها ، بل لا بد من ضميمة الاحتياج البالغ حد الشدة لا الاحتياج احياناً أيضاً ، فإنه بدون وصوله حد الشدة لا يقتضي ذلك .
هذا ، وفي كل من وجوه التقرير نظر :
أمّا الأوّل : فلأن الانسداد في نفس الأحكام لا يقتضي كون الظن طريقا وحجة في معرفة اللغات ، بل مقتضاه اعتباره في نفس الأحكام ، والظن الحاصل من خبر الواحد عن وضع اللفظ بالحكم الشرعي معتبر ، من جهة أنّه ظن بالحكم الشرعي ، لا من حيث أنّه في اللغة .
وأمّا الثاني : فإن أريد به إجراؤه في الطرق الشرعية إلى الأحكام الشرعية ، فما نحن فيه خارج عنه ، فإن خبر الواحد فيما نحن فيه ـ على فرض اعتباره ـ طريق إلى معرفة اللغات ، وهي ليست من الأحكام الشرعية في شيء ، وإن أريد به إجراؤه في الطرق الشرعية إلى معرفة اللغات :
ففيه اوّلاً : منع المقدمة الاولى إذ لا علم لنا ، بل ولا ظن بأن الشارع جعل طرقاً إلى معرفة اللغات .
وثانياً : على فرض تسليمها لا بد من قيام الأمارة الظنية على حجية خبر الواحد في اللغات ، فإن نتيجة الدليل حجية الظن في تشخيص الأمارات المعتبرة من الشارع في معرفة اللغات التي نعلمها إجمالا ، فكلما قامت الأمارة الظنية على أن هذا الشيء من تلك الأمارات المعلومة إجمالا يكون ذلك الظن حجة ، فيثبت حجية هذا الشيء الذي قامت الأمارة الظنية على تشخيصه ، وتعيين أنه من تلك الأمارات المعلومة بالإجمال . ولا ريب أنه لم تقم أمارة على حجية خبر الواحد مطلقا في اللغات ، فلا يثبت حجية خبر الواحد مطلقا في اللغات . نعم الموجودة منها إنما قامت على خصوص قول اللغوي ، أو
___________________________
(١) في هداية المسترشدين : ٤١ ، فانه قال : ثمّ انّ لمعرفة كلّ من الحقيقة والمجاز طرقاً عديدة الى ان قال : ثانيها النقل المتواتر وما بمنزلته من التسامع والتضافر او الآحاد وحجّية الاوّل ظاهرة الا انّه قد يناقش في وجوده ويدفعه بملاحظة الوجدان ويدل على حجّية الثاني عموم البلوى باستعلام اللغات وعدم حصول الغناء عنها مع انسداد طريق القطع في كثير منها فلا مناص من الاخذ بالظنّ فيها .