وهو من الفساد بمكان لا يحتاج إلى البيان ، ضرورة أن بعض هذه الألفاظ سيما في ألفاظ المعاملات ، من المصطلحات الجديدة الحادثة من الفقهاء المتأخرين عن زمن الأئمة عليهم السلام ، وبعضها محل الشك في أن الشارع استعمله ولو مجازاً أو لا ؟ فضلاً عن بلوغه حد الحقيقة في لسانه ، وبعضها مما يشك في بلوغه في الاستعمال إلى حد يمكن معه النقل بعد احراز استعمال الشارع له في الجملة ، فكيف يمكن دعوى ان جميعها محل النزاع ، مع أن ظاهر كلام القائلين بالثبوت هو الثبوت مطلقاً ولا يلتزم به أحد ، لما عرفت .
وكيف كان ، فلا يمكن جعل النزاع فيها كلية ، فتعين البعض ، لكنه أيضاً لا يكاد يتبين أنه أي بعض من أبعاضها ، فإنه إما باختصاص خصوصيات ذلك البعض ، وهي الألفاظ الخاصة فرداً فرداً ، وإما ببيان تلك الخصوصيات بالعنوان الكلي الحاكي عنها ، والاول متعذر أو متعسر غايته ، والثاني لا يكاد يمكن لعدم ضابط وجامع لتلك الخصوصيات ، بحيث يكون مرآة لها حاكية عنها بأسرها .
وقد تصدّى بعض المحققين (١) في حاشيته على المعالم لبيان الضابط بأنّه ما يجمع شروطاً ثلاثة :
أحدها : كونه من الألفاظ المتداولة في ألسنة المتشرعة من قديم الزمان أي مبدأ وقوع النزاع في الحقيقة الشرعية ، نظراً إلى انتفاء التفاوت (٢) فيما نحن فيه عن ذلك الزمان إلى الآن .
وثانيها : أن تكون مستعملة في المعاني الجديدة الشرعية بالغة إلى حد الحقيقة عند المتشرعة في ذلك الزمان .
وثالثها : غلبة استعمال تلك الألفاظ في لسان الشارع في المعاني الشرعية بحيث يكون استعماله إياها في غيرها نادراً انتهى .
ولقد أجاد النظر في فهم محل النزاع ، لكن اشتراطه بكونه جامعاً للشرطين الأوّلين ليس بجيد ، لعدم مدخليتهما في محلّ النزاع .
فالحق أنّ مدار البحث على الشرط الثالث الذي ذكره ، وهو تداول استعمال
___________________________
(١) هداية المسترشدين : ٩٣ ، في تحديد محل النزاع في الحقيقة الشرعية .
(٢) قوله نظراً إلى انتفاء التفاوت : وجه انتفاء التفاوت انّ النزاع في الحقيقة الشرعيّة إنّما هو بالنسبة إلى زمان الشارع وثبوتها يتوقّف على شيوع استعمالها وتداولها في زمان الشارع ، فلازمه تداوله في كلا الزمانين ( منه رحمه الله ) .