الشارع تلك الألفاظ في المعاني الجديدة الشرعية ، وغلبتها بحيث يمكن معها النقل ، والضابط هو هذا ، وأخذ الشرطين الأولين معه كأخذ الحجر مع الانسان ، ووضعه في جنبه .
ثم إن مراد النفاة للحقيقة الشرعية ، يحتمل وجوهاً ثلاثة :
أحدها : منع استعمال الشارع تلك الألفاظ في المعاني الجديدة الشرعية رأساً ، وأنها مستعملة في معانيها اللغوية ، والخصوصيات الثابتة اللاحقة لها شروط ثبتت من الخارج ، كما هو ظاهر كلام القاضي الباقلاني .
وثانيها : التزام استعمال الشارع إياها فيها في الجملة ، لكن مع منع بلوغه في الكثرة إلى حد يمكن معه النقل .
وثالثها : التزام أصل الاستعمال مع بلوغه في الكثرة إلى حد يمكن معه النقل ، لكن مع منع شرط النقل ، وهو كون الاستعمالات المذكورة مجردة عن القرائن المتصلة .
هذا ، لكن مما ذكرنا من الضابط لمحل النزاع يظهر أن المراد هو الوجه الأخير ، إذ بعد فرض كون محل النزاع ما بيّناه ، فلا بد أن يكون أصل الاستعمال كذا ، وبلوغه في الكثرة في لسان الشارع إلى حد يمكن معه النقل مفروغاً عنهما عند الفريقين .
لكن الثمرة التي ذكروها للمسألة ، هي حمل الخطاب المجرد عن القرينة على المعنى اللغوي ، على القول بعدم الثبوت لا تلائمه ، إذ لا ريب أن الاستعمال إذا وصل إلى الحد المذكور في الكثرة ، فاللفظ معه لو لم يكن حقيقة ومتعينة في المعنى المستعمل فيه ، فهو مجاز مشهور لا محالة ، وحكمه كما عرفت عند المشهور ، وعلى المختار الإجمال عند عدم القرينة .
هذا بخلاف أحد الوجهين الأوّلين ، فإنّها ملائمة لكل واحد منهما ، أما على الأول منهما فواضح ، وأما على الثاني ، فلعدم بلوغ الاستعمال إلى حد يوجب كون اللفظ مجازاً مشهوراً في مورد الاستعمال .
ومن هنا ظهر اختلاف مؤدى الوجهين الأولين مع الأخير هذا .
وكيف كان ، فكأنّ أصل استعمال الشارع
تلك الألفاظ في المعاني