لكنّه قد يُدّعىٰ طروء الوضع من العرف عليه بواسطة غلبة الاستعمالات بالنسبة إلى الحرفة أيضاً ، مع بقاء معناه الأصلي ، فيكون في العرف مشتركاً لفظاً بينهما ، بل قد يُدّعىٰ هجره عن المعنىٰ الأصليّ إلى خصوص الحرفة في أسماء الحِرَف الّتي على وزن فعّال ، كنسّاج وتمّار وبقّال ، وغيرها .
والحقّ عدم عروض الوضع الجديد له مطلقاً (١) ، فيما إذا كان المبدأ في ضمن غير فعّال من هيئات المشتق .
نعم قد يتعدّىٰ في بعض الأمثلة دعوىٰ إجماله حينئذ عرفاً ، لغلبة استعماله في غير الحال ، الموجبة للتّوقف والإجمال ، فيكون مجازاً مشهوراً .
وأمّا إذا كان في ضمن هيئة فعّال ، فالظّاهر هجره عرفاً عن المعنىٰ الأصليّ ، إلى الحرفة ، بحيث يظهر منه هذه عند الإطلاق ، ويحتاج انفهام معناه الأصليّ ، وهو الحال ، إلى القرينة الصّارفة عن ذلك مطلقاً ، بالنسبة إلى المصادر وأسماء الذّوات ، لكن لا مطلقاً ، بل فيما يطلق على الحرفة غالباً ، كالنسّاج والبنّاء والبقّال والعطّار ، لا مثل القتّال والأكّال والسيّار ونحوها ، لعدم غلبة استعمالها فيما ذكر ، بل الغالب إرادة المعنى الحالي ، ومن المعلوم أيضاً عدم التصرّف في هيئة فعّال ، الموضوعة للمبالغة في تلك الأمثلة .
وكما في صِيغ المبالغة (٢) ، المأخوذة من أسماء الذّوات مطلقاً ، فإنّ الغالب إرادة الحرفة منها مع ما عرفت بالنسبة إلى الهيئة فيها أيضاً .
والدليل على ذلك التّبادر من تلك المواد عند الإطلاق ، وصحّة سلب تلك الصّيغ حينئذ عمّن تلبّس بالمبدأ بمعناه الحالي ، فإنّه يصحّ أنْ يقال لمن تلبّس بفعل النّسجِ مثلاً . أو بيع التّمر ، من دون أخذهما حرفة : إنّه ليس بنسّاج ، أو تمّار ، ولا يصحّ أنْ يقال : إنّه ليس بناسج ، وتامر .
___________________________
(١) اي سواء كان بطريق الاشتراك او النقل ، وسواء كان المبدأ من أسماء الذوات او المصادر ، لمحرّره عفا الله عنه .
(٢) وكيفيّة نقل تلك الألفاظ إلى ما ذكر : أنّ العرف أطلقوها على من تكرّر منه صدور المبدأ وتلبّس به في أغلب الأحوال ، فمن اتخذ الفعل حرفة وصنعة إلى حدٍّ استغنى ذلك عن القرينة ، صارت حقائق عرفيّة فيما قلنا . لمحرّره عفا الله عنه .