ممكن بالإمكان الخاصّ ، بمعنىٰ أنّ شيئاً من وجوده وعدمه ليس بضروري ، فتأمل .
الخامس : أنّ الذّات المبهمة لو كانت داخلة في مفهوم المشتقات للزم توصيف الأعم بالأخص في نحو قولك : ذاتٌ أسود ، أو شيء أبيض ، فيلزم أن لا يصحّ ؛ لعدم صحّة التوصيف على الوجه المذكور ، كما في قولك : الحيوان الانسان ، واللازم باطل ، لصحّة التوصيف في نحو المثالين بالاتفاق ، بل الضرورة .
لا يقال : إنّ توصيف الأعم بالأخص شائع في المحاورات ، كما في قولك : حيوان ناطق ، فكيف يقال بعدم جوازه ؟ !
لأنا نقول : الممنوع منه هو الأعم والأخص بحسب المفهوم ، لا المصداق كما في قولك : الحيوان الانسان ، حيث أنّ مفهوم الحيوان جزء لمفهوم الانسان ، بخلاف حيوان ناطق ، فإنّ مفهوم ناطق يباين مفهوم الحيوان ، بمعنىٰ أنّه ليس أحدهما جزء للآخر ، وإنما يتصادقان في أمر واحد ، وهو الانسان فلا نقض .
السادس : انّه لو كانت الذات داخلة في مفهوم المشتق ، لزم تكرار الذّات في حمل المشتق ، في قولك : زيد ضارب ـ مثلاً ـ ولازمه حمل الذّات على الذّات ، مع أن القائم بزيد ليس إلا الوصف ، لاستحالة قيام الذّات به ، كما هو واضح ، أو تجريد المشتق عن الذات ، فيكون مجازاً ، وهو ضروري البطلان ، وهذا بخلاف ما لو قلنا : بخروج الذّات وعدم اعتبارها شطرا ، حتى يكون دلالة اللفظ عليها بالتّضمن ، أو شرطاً فيدل عليها بالالتزام البيّن ، وهذا واضح .
هذه جملة وجوه القول المختار ، متلقّىً بعضها من الأعلام الأخيار ، لكن المعتمد على الأوّل ، وكفى به حجة ودليلاً ، وينبغي الاعتماد على الثالث أيضاً ، وبعده على الخامس ، ثم السادس (١) .
وأما الثّاني والرّابع ، وان كانا لا بأس بهما في مقام المخاصمة والإلزام على الخصم ، إلّا أنّ الإنصاف يأباهما .
أما الأوّل منهما ، فلأنّ المتبادر من هيئات المشتقّات ليس إلّا المفاهيم
___________________________
(١) الترتيب بين تلك الوجوه بالنظر إلى كون بعضها أجلى من بعضٍ . لمحرّره عفا الله عنه .