لكن نقول : إن هذه الصحة وإن فرض مخالفتها للصحة الواقعية ، إلا أنه بعد كونها تكليفاً شرعياً وواقعياً ثانوياً في حق معتقده من ملاحظة المقدمتين المشهورتين للمجتهد او المقلد ، لا يبعد شمول الصحة الواقعية لها ، وإمضاء ترتب آثار الواقع الأوّلي عليه للغير .
نعم لو لم يكن تكليفا شرعياً ولا ثانوياً في حقه ، صح الحكم بفساده شرعاً ، كما في صلاة المخالفين وإن بذلوا جهدهم في تحصيل الحق ، وقلنا بإمكان عدم الوصول حينئذ إلى الحق ، إذ غاية الأمر حينئذ معذوريتهم في عدم الإتيان بما تعلّق بهم من التكاليف الواقعية ، وذلك لا يقضي بتعلق التكليف بالإتيان بما زعموه ، كما هو الحال بالنسبة إلى سائر الأديان انتهى محصل جوابي صاحب الهداية ، وقد وافقه على الأول منهما صاحب الفصول ، والموائد ، قدس سرهما .
ولكن لا يخفىٰ ما فيهما من بُعد الأول وأبعدية الثاني .
أما وجه بُعد الأول ، فلأن مفاد أصالة الصحة المقررة في الشرع لأفعال المسلمين :
إما إثبات حكم الصحة من الحلية والإباحة الظاهرية على أفعالهم المشتبهة من غير إثبات موضوع الصحة اللازم للحكم عقلاً ، لكون الملازمة من آثار الحكم الواقعي ، لا الظاهري .
وإما إثبات حكم الصحة من الحلية والإباحة الظاهرية الملازمة لإثبات موضوع الصحة أيضاً ، دون إثبات موضوع الفعل وعنوانه اللازم للصحة عقلا ، لكون الملازمة من آثار الصحة الواقعية لا الظاهرية .
وإما إثبات الصحة الواقعية الملازمة
لموضوع الفعل أيضاً ، وأصالة الصحة بالمعنى الأول لا تعارض أصالة الفساد في المعاملات والعبادات المشتبهة صحتها ، وبالمعنى الثاني وإن عارضه وكان حاكماً عليه ، إلا أنه لا يثبت موضوع الصلاة التي هي مورد النذر حتى يبرأ الناذر بإعطاء المنذور لفاعلها ، فانحصر ابتناء
الجواب المذكور على أصالة الصحة بالمعنى الثّالث ، وأنى له بتعيينه فيه ، فإن أقصىٰ
مفاد