قوله عليه السلام ( ضَعْ أمر أخيك على أحسنه ) (١) هو المعنى الثاني ، أعني إثبات الصحة الظاهرية الغير الملازمة لاثبات موضوع الصلاة الّتي هي مورد النذر ، لكون الملازمة من آثار الصحة الواقعية لا الظّاهرية ، فعاد الإشكال في إبراء الناذر بإعطاء المنذور لفاعل تلك الصلاة المشتبهة على القول بالصحيح .
نعم يندفع هذا الإشكال على القول بالأعم خاصة حيث أنّه يحرز الموضوع بالإطلاق ، والصحة بالأصل ، وأما القائل بالصحيح فليس له إطلاق يحرز به الموضوع حتى يجديه الأصل ، بل الألفاظ عنده مجملة .
واما وجه أبعدية الثاني : فلما سيأتي في محله مِن أن أقصى مفاد أدلة الاجتهاد إنما هو إمضاء الحكم المجتهد فيه بالنسبة إلى ذلك المجتهد ومن يقلّده ، فلا يتجاوز إلى الغير ولو قلنا بموضوعية ما في يد المجتهد من الطرق الظاهرية ، فإن موضوعية ما في يده أيضاً لا تتجاوز إلى غيره .
والتفرقة المذكورة بين خطأ اجتهاد اهل الحق وخطأ اجتهاد أهل الخلاف لا يرجع إلى محصل بعد فرض مساواتهما في القصور وعدم التقصير ، فمعذورية المخطىء في اجتهاده من غير تقصير إنما ثبتت في حق نفسه ومن يقلده ، ولا دليل على تجاوزها إلى الغير لا عقلاً ولا شرعاً ، إن لم يكن الدليل على خلافه ، ولا فرق في كون الخطأ من اجتهاد أهل الحق أو أهل الخلاف .
غاية الفرق أن يقال بترتب الأجر على اجتهاد أهل الحق مضافاً إلى معذوريتهم في الخطأ دون ترتبه على اجتهاد أهل الخلاف بناء على اختصاص حديث ( ان لله في كل واقعة حكماً فمن أصابه فله أجران ومن لم يصبه فله أجر ) بأهل الحق .
وحينئذٍ فالصواب في الجواب الحلي : أما في مسألة النذر ، فبمنع ملازمة القول بالصحيح لوجوب التفتيش ، بتقريب ان تعسر اطلاع أغلب الناس على مصداق الصلاة الصحيحة ولو عند الفاعل ، وجريان طريقتهم ، بل وطريقة الشارع على المسامحات ، وعدم التدقيقات الموجبة للعسر والحرج ، قرينة على أن مقصودهم
___________________________
(١) وسائل الشيعة ٨ : ٦١٤ ح ٣ من باب ١٦١ من ابواب احكام العشرة .