جمع تلك المناهي ، ولعله أبعد من سابقه ، فيتعين كونها اسماً للأعم حذراً من لزوم شيء من المحاذير المذكورة .
ويمكن للصحيحي الجواب أولا : بمنع استلزام الصحيحة لشيء من المحاذير المذكورة .
أمّا المحذور الأول ، وهو دلالة النهي على الصحة في العبادات فلابتناء لزومه على امتناع تعلق النهي بالأعم من الصحيح والفاسد وهو ممنوع :
نقضاً : بوقوع تعلقه بالأعم في جميع ألفاظ المعاملات بوفاق من الخصم ، فلولا جوازه لما وقع أصلاً ورأساً ، لعدم جواز تخصيص المانع العقلي من جوازه ، وهو امتناع تعلق النهي بالممتنع وغير المقدور .
وحلاً : بأن الممتنع هو تعلق النهي بغير الصحيح وغير المقدور قبل النهي ، لا غير المقدور بعد النهي وبواسطة عروض النهي ، وإلا لامتنع عروض الفساد على شيء من المناهي بتطرق النواهي حتى في مثل نكاح المحارم ، وارتكاب الجرائم ، ومن ذلك يعلم أن الصحة الاستصحابية والمقدورية القبلية كافية في صحة النهي قطعاً وجزماً .
وأما المحذور الثاني ، وهو لزوم تجريد النواهي عن الإنشاء إلى الإخبار عن نفي الماهية او الصّحة او الكمال ، فلابتنائه على القول بعدم اجتماع الإرشاد مع الطلب ، ولا مانع من اجتماعهما عندنا في الإلزامات الإرشادية ، بل لو سلمنا كونهما مانعتي الجمع ، كما عن الفصول ، فلا نسلم بطلان ما زعمه المستدل من المحذور اللازم ، وهو تجريد النواهي عن الطلب ، لمنع كونه من المجازات البعيدة العديمة النظير ، لكفاية الإرشاديات له نظيراً على زعم من زعم عدم اجتماعها مع الطلب .
وأما المحذور الثالث ، فكذلك ممنوع اللزوم أولاً ، وممنوع البطلان ثانياً ، فإن تعلق النواهي بغير الصحيح من أول الفقه إلى آخره ليس بأكثر من استعمالها في التنزيه والكراهة ونحوهما من المعاني المجازية كما لا يخفى .