بقي الكلام في الفرق والثمرة بين الصحيح والأعم :
فنقول : إن بينهما فرقاً موضوعياً وفرق حكمياً .
أما الفرق الموضوعي ففي استلزام القول بالصحيح لإجمال اللفظ ، واقتضاء القول بالأعم لبيانه وإطلاقه ، ما لم يطرأ عليه الإجمال العرضي ، كالتقييد بالمجمل ، او ورود الإطلاق مورد حكم آخر ، او نحو ذلك مما يسقط اعتبار إطلاق اللفظ ويلحقه بالمجمل في الحكم .
وأما الفرق الحكمي بينهما ، فيظهر في المشكوك جزئيته وشرطيته ، حيث أن كل من قولي الصحيح والأعم يستلزم وجوب الاتيان به على وجه ، وعدم وجوب الاتيان به على وجه آخر .
وتفصيل ذلك أن يقال : أما القول بالصحيح فيستلزم وجوب الإتيان به من باب الاحتياط ، بناء على رجوع مسألة الشك في الشرطية والجزئية إلى مسألة الشك في المصداق والمكلف به ، وعدم وجوب الاتيان به لأصالة البراءة ، بناءً على رجوعه إلى مسألة الشك في التكليف ، كما هو المشهور المنصور .
وأما ما صدر عن صاحب الهداية (١) وغيره ، من ترتب الاحتياط على القول بالصحيح مطلقا فمبني اما على مختاره ، او مختار من أخذ ذلك منه على وجه الاقتباس ، من رجوع الشك في الشرطية والجزئية إلى الشك في المصداق لا المفهوم .
ولنا على تزييف مبناهم المذكور ، أن المعيار المائز بين الشك في المصداق والمفهوم ، كون الشك في المصداق ناشئاً عن عروض الامور الخارجية ، كالظلمة ونحوها وفي المفهوم ناشئاً عن الجهل بالمراد من اللفظ ، ومن البين أن الشك في الشرطية والجزئية على القول بالصحيح ناشئ عن الجهل بالمراد ، لا عن الاُمور الخارجية ، كالظلمة ونحوها حتى يكون من قبيل الشك في المصداق .
وأما القول بالأعم ، فلا يستلزم وجوب الإتيان بالمشكوك جزئيته او
___________________________
(١) هداية المسترشدين : ١١٣ و ١١٤ .