واما الثاني : فلما مرّ في مثله أنّ الشّك في الزائد عن القدر المعلوم إجمالاً بدوي ، فيدفع بالإطلاق او العموم ، فإنّ التخصيص كما أنّه خلاف الأصل كذلك زيادته خلاف أصل آخر كما عرفت مفصّلا .
وأمّا المقام الثالث : فلا بد من البناء على إجمال الخطاب جداً ، فإنّ العموم والاطلاق مثبتان للحكم للمشكوك بعد إحراز كونه فرداً من أحدهما ، وأمّا إذا كان الحكم معلوما ، فاشتبه بعض الأفراد ببعض ، فلا معنىٰ للتمسّك بهما في تعيين الفرد .
لا يقال : يجب البناء على الاجمال في المقامين الأوّلين أيضاً ؛ لأنّ الواجب على الشّارع كغيره من الموالى إنّما هو مجرّد بيان الحكم لموضوع يعلمه المكلف ، وأمّا بيان حال مصاديق ذلك الموضوع فلا ، والمفروض في المقامين أنّه حكم ـ مثلاً ـ بثبوت الحكم لموضوع مبيّن وهو الجيران ـ مثلا ـ ، والمفروض أيضاً العلم بحكمه بحكم آخر ، وهو حرمة الإضافة ـ مثلا ـ بالنسبة إلى موضوع آخر وهو العدوّ ، وانّما وقع الشك في التخصيص وعدمه بسبب الاشتباه الخارجي لا لإجمال أحد الخطابين ، ولا يجب عليه بيان المشتبه الخارجي ، فلا يجب عليه نصب القرينة والمخصِّص على تقدير دخول بعض أفراد ذلك الدليل المنفصل في ذلك العام ، وهو الجيران ، فيصير عدم القرينة قطعيا على تقدير التخصيص وعدمه ، فلا يجرى أصالة عدمها المعلق عليها اعتبار الظّواهر اللفظيّة ، فلا يجوز التمسك بالعام لفقد منشأ اعتباره وهو جريان اصالة عدم المخصص فتأمل .
لأنّا نقول : الإشكال بعد تماميته فهو إنّما يرد على من يعمل بالظواهر اللفظية من باب أصالة عدم القرينة .
واما على ما نراه من أنّ العمل بها
إنّما هو من باب الكشف والظن النوعي ، فلا ريب في وجود هذا المناط بالنسبة إلى عموم العام في قوله : أضف جيراني ، او الجيران ، لظهوره في تعلّق الحكم بجميع الجيران وإرادتهم من الخطاب ، والمفروض أنّ المانع إنّما هو كون بعض أفراده من مصاديق الدّليل الآخر أيضاً ، فيجتمع الامر والنّهي فيرفع الامر عنه ، وهذا المعنى بالنظر الى الفرد المشكوك غير