معلوم ، فيتمسك بظهور العام ، نظراً إلى أنّ أصل التخصيص كزيادته خلاف الظاهر من العام ، فيطرح احتمالهما ويؤخذ بالحجة وهو ظهور العام ، فيتمسك به على إثبات حكمه للفرد الّذي فرض فرديته له ، وإنّما الشك في كونه فرداً لعنوان آخر أو لا .
فلا يرد أيضاً أنّ هذا إثبات وتعيين الموضوع بالعموم ، فإنّ كونه من أفراد موضوع العام معلوم ، وإنّما الشك في حكمه ، فيتمسك على إثبات ذلك الحكم له بالعموم ، وان كان منشأ الشك في ثبوت الحكم له الاشتباه الخارجيّ .
فإذا تمهّدت هذه كلّها فنقول : إنّ المراد بالصحيح ـ في قوله المعترض وهو أنّ المراد هو الصّحيح باتفاق الفريقين ـ ، إن كان الموافق للأمر ، كما فسّره به بعضهم ونسبه الى الاصطلاح ، فقد عرفت أنّ كون الشيء مأموراً به او موافقاً للأمر من الأوصاف المنتزعة من الأمر ، فلا يعقل إرادته مقيّداً بهذا الوصف للدّور ، فلا يعقل الشّك في عدم اعتباره .
وإن كان المراد به ما فسّره به بعضهم واخترناه أيضاً ، وهو المقرِّب او الخضوع وأمثال ذلك ، فقد عرفت أنّه يمتنع حينئذ تقييد المأمور به بهذا الوصف عرفاً ، فإنّه من الغايات والأغراض ، فلا يمكن إرادة هذا العنوان ايضاً .
وإن كان المراد ما فسّره به بعضهم ، من أنّه تام الأجزاء والشّرائط فسلّمنا أنّ مراد الشارع هذا ، إذ لا محذور حينئذ ، فإنّ التقييد بهذا الوصْف ، أعني تماميّة الأجزاء والشّرائط ـ ليس كالتّقييد بأحد الأوّلين ، فإنّه من الصنف الثالث الذي يصلح لكونه قيداً عقلاً وعرفاً ، فإنّ تقييد الصّلاة بذلك معناه إرادتها مع جميع أجزائها من الأركان وغيرها والأذكار والشّرائط ، كاستقبال إلى القبلة والطّهارة وهكذا .
لكن نقول : إنّه على قول الأعمّي لمّا
كان اللّفظ موضوعا للأعم ، فعند وقوعه في حيّز الأوامر الشّرعية ظاهر في أنّ الشارع أراد نفس الطبيعة ، والمفروض أنّه إنما يريد تام الأجزاء والشرائط لا غير ، فيكون اللفظ دالّاً التزاما على كون
الطبيعة تامة الاجزاء والشرائط ، ومجرّد احتمال اعتبار شيء آخر فيه شطراً او