كونها العبادة الفلانيّة ؛ فإنّ الآتي بما يعلمها من أجزاء الصلاة وشرائطها على هذا القول يشكّ في أنّه أتىٰ بالصّلاة أوْ لا ، إذا شك في اعتبار أمر زائد ، وقد نشأ ذلك من بعض من تأخّر عن المولى البهبهاني ( قدس سره ) .
ولعلّه استنبطه من بعض كلمات المولى المذكور في حواشيه على المدارك (١) ، حيث أنّه ( قدس سره ) ذكر في طيها في موارد الشّك في جزئية شيء او شرطيته في العبادات أنّه لو قلنا بأنّ ألفاظ العبادات موضوعة للصّحيحة فالحكم الاشتغال ، ويجب الاحتياط بإتيان جميع المحتملات ، فزعم ذلك البعض من مفهوم هذا الكلام أنّه على القول بوضعها للأعم ، فالمرجع إلى اصالة العدم ونفى ما يحتمل مدخليته في العبادة بها ، أبي .
لكنّ الإنصاف : أنّه اشتباه صدر من قلّة التدبّر في سائر كلماته ( قدس سره ) فإنّه ( قدس سره ) لمّا كان مذهبه في مسألة إجمال النصّ ـ في مبحث البراءه والاحتياط ـ هو الاحتياط مطلقا (٢) ، وكان اللازم على القول بوضع تلك الألفاظ للصّحيحة الإجمال فقال : إنّه على هذا القول يجب الاحتياط لدخولها حينئذ فيما اختاره ثمة ، وأمّا على القول الآخر لمّا كانت الألفاظ تختلف حالها بالنسبة إلى الموارد في التبين والإجمال ـ كما عرفت ـ فتكشف عن ذلك بالنسبة إلى هذا القول ، وليس في مقام بيان أنّه على هذا القول ، فالمرجع هو أصالة العدم مطلقا .
ثم إنّ القول بالرّجوع إلىٰ أصالة العدم لا يتمّ على القول بوضعها للأعم مطلقا أيضاً ، فإنّ الظّاهر من أصالة العدم هي البراءة الأصليّة ، ولا ريب أنّها من الاُصول العملية ، ولا مِرية أنّه إذا كان للّفظ إطلاق ، فالمرجع هو أصالة الإطلاق التي هي من الاُصول الاجتهاديّة في نفي ما يحتمل الجزئية ـ او الشرطيّة ، لا أصل البراءة ، لأنّ الاُصول العمليّة لا مجرى لها إذا كان في المقام دليل اجتهاديّ او أصل
___________________________
(١) مدارك الأحكام : ١٦٦ انظر حاشيته عليه عند قوله : والأصل إنّما يجرى إذا كان إسما لمطلق الاركان لا خصوص الصحيحة منها . . . وعند قوله : إلا ان يتمسك بالاصل فلم يكن الرواية دالة ومع ذلك انما يتم التمسك به إذا كان الصلاة اسماً لمجرد الاركان لا خصوص الصحيحة وإلا لا شكل التمسّك فتأمّل .
(٢) قولنا مطلقا أي سواء كان الإجمال من جهة المفهوم المأمور به او من جهة إجمال مصداقه مقابل القول بالاحتياط في الصّورة الثانية أي الإجمال في المصداق لمحرّره عفا الله عنه .