المبهمات ، فانّ الموضوع له فيها متكثّر ، إلا أنّ اللّفظ لم يوضع لكل واحد تفصيلا بل وضع للجزئيات إجمالاً ، وزاد بعضهم قيد عدم المناسبة ، فان أراد عدم وجود المناسبة رأساً ، فهو سهو ، إذ لا يجب ذلك في المشتركات ، بل توجد المناسبة بين كثير من معاني المشتركات ، وإن أراد عدم ملاحظتها فهو جيّد ، إلّا أنه لا حاجة إليه لأنّ قيد ( ابتداء ) يغني عنه .
وأما المنقول والمرتجل فيشاركانه في التعريف عدا القيد الأخير ، أعني قيد ابتداء لأن الوضع فيهما على الترتيب ، والتراخي عن الوضع الأول للمعنى الأوّل ، وهما يتفارقان في اعتبار الهجر عن المعنى الأول ، بحيث يحتاج إلى نصب قرينة إذا أريد استعمال اللفظ في المعنى الأول ، أي المنقول على المختار ، دون الثاني ، وهو المرتجل وأيضاً ملاحظة المناسبة بين المعنى الأوّل والثاني معتبرة في المنقول دون المرتجل .
ثم إن غرضنا من الترتيب حصول الوضع في المعنى الثاني ، في آن مغاير لآن وضع اللفظ للمعنى الأول ، بحيث يعد العرف هذين الآنين زمانين متغايرين . ومن الابتداء حصول الوضع لكلا المعنيين في آن واحد عرفاً ، فإنه لا يمكن حصوله لهما في آن واحد حقيقي ، وبعبارة أخرى بحيث يعد العرف آنيهما آنا وزماناً واحداً .
ثم إنّ جعل المنقول والمرتجل قسيمين للمشترك ، وللحقيقة والمجاز ، بناء على المختار عندنا ، وإلّا فظاهر الأكثر ، وصريح التفتازاني ـ في شرح الشرح ـ والقوانين دخول المرتجل في المشترك ، وظاهر المعالم دخولهما في المجاز ، حيث إنّه ـ رحمه الله ـ جعلهما ، والحقيقة والمجاز ممّا يختص فيه الوضع بواحد .
والتقسيم الذي ذكرنا لا ينطبق على ما صار إليه صاحب المعالم ، إلّا بملاحظة المستعمل فيه ، كما أشرنا إلَيه سابقاً ، وأما على ما صار اليه الأكثر فهو وإن كان منطبقاً إلّا أنَّه لا بد من تعميم تعريف المشترك بحيث يشمل المرتجل .
ويمكن انطباق ما ذكرنا من تعريفه عليه على ما صاروا إليه بزيادة قيد ( من غير مناسبة ) وإسقاط قيد الابتداء ، بأن يقال المشترك : هو اللفظ الموضوع لمعنيين تفصيلا من غير مناسبة ، فقيد ( تفصيلا ) لإخراج المبهمات كما عرفت ، وقيد ( من غير مناسبة ) لإخراج المنقول ، والمراد بعدم المناسبة عدم ملاحظتها لا عدمها رأساً .
ويمكن انطباق التعريف المذكور عليه من دون زيادة ، ونقصان فيه ، بأن يراد بالابتداء عدم ملاحظة المناسبة فلا حاجة إلى زيادة لفظ ( من غير مناسبة ) وهذا أجود .