ومن البين أن الإعادة بحسب العرف واللغة عبارة عن الإتيان بالشيء ثانياً بعد الإتيان به أولاً ، وقضية ذلك دخول الفعل الواقع أولاً في المسمّىٰ واندراجه فيه وإلّا لم يكن الإتيان بالفعل الثاني إتيانا بذلك الفعل ثانياً فلا يكون إعادة ، بل يكون إتياناً أوّلياً بذلك الفعل ، أي ما فعله ثانياً .
وكيف كان ، فلو كانت تلك الألفاظ موضوعة للصّحيحة فينحصر مصاديقها في موارد الأمر بالإعادة فيما يؤتى به ثانياً ولا يشمل ما فعله أوّلاً إذا كان فاسداً ، فلا يصدق عليه الإعادة ، مع أنّ إطلاقها عليه فوق حد الإحصاء ، فهو يكشف عن وضعها للأعم ليصح صدق الإعادة .
وفيه أوّلاً : النقض بأنّه أمر بالاعادة في بعض الصّور بفقد الأركان ، ولا ريب أنّ فاقدتها خارجة عن الموضوع له لتلك الألفاظ على مذهب الأعمّي أيضاً ، فلا بد حينئذ من التزام التجوز في لفظ الإعادة فان قدرتم على توجيه هذه الصورة فوجهوا بذلك سائر الصور .
ولو قيل : إنه قد علم المجازية في هذه الصورة ، لكنه لا يستلزم الخروج عن أصالة الحقيقة في لفظ الإعادة في سائر الصور .
قلنا : إنا نعلم قطعاً أنّ وجه استعمال لفظ الإعادة في جميع الصور واحد فلو التزام في الصّورة المذكورة بأنّه العلاقة فلا بد من الالتزام بها في سائر الصور .
وثانياً : بالحل ، وتوضيحه أن الإعادة وإن كانت حقيقة فيما ذكر ، لكن بعد قيام الدليل القطعي على وضعها للصحيحة كما قدمنا ، فلا بدّ في تلك الاطلاقات من التزام خلاف ظاهر من التجوز ، إما في ألفاظ تلك العبادات وإبقاء الإعادة على ظاهرها ، او العكس بالتّأويل في انطباق ما فعل أوّلاً على المفاهيم الكلية المتصفة بالصحة ، ليكون استعمال ألفاظ العبادات حقيقة والتجوز في لفظ الإعادة .
وكيف كان ، فمرجع الاستدلال إلى التمسك
بأصالة الحقيقة في لفظ الإعادة ولا مِرية أنّه لا محذور في الخروج عنها لدليل ، مع أنّ التمسّك بها ليس
في محله ، نظراً إلى معلوميّة أنّ المراد بالإعادة إنما هي الإتيان بتلك الأفعال
ثانياً على