كذلك ، بحيث لولاهما لما تحقق أثر التبريد من ذينك .
وأمّا ما ذكرنا من الوجه ، فقد عرفت أنه يتم على التقدير المذكور .
لكن يمكن القطع بعدم الوضع التعييني على القول بثبوت الحقيقة الشرعية .
ومع التنزل ، فيكفي الشك فيه في منع نهوضه حجة لإثبات التفصيل كيف كان ، كما هو غرض المستدل .
وأما الوجه الأخير فالانصاف منعه أيضاً ، بل يمكن دعوى العكس بأن الناس في أوامرهم إذا تعلق غرضهم بمركب لأجل خاصية ، فلا ريب في إرادتهم هذا المركب مع ما يعتبر في حصول الخاصية المذكورة ، ولو كان الاستعمال مجازاً .
ألا ترى أن الطبيب إذا قال للمريض ( إشرب السّقمونيا ) لا يريد مطلق السقمونيا ، بل ما يحصل منه الاسهال اللّهم إلا أن يمنع أن التقيد إنما هو بالنسبة إلى الشرب لا السقمونيا فتأمل .
ثم إنه قال ( دام ظله ) الانصاف أن الشرائط مختلفة :
فمنها : ما نقطع بصحة سلب الاسم بفقده حقيقة كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة .
ومنها : ما نقطع بعدم صحة السلب بفقده كالوقت بالنسبة إليها ؛ إذ لا يصح أن يقال : لمن صلى قبل الوقت أنه لم يصلّ .
اقول : ومثله إباحة المكان ؛ فإنه لا يصح أنْ يقال : لمن صلى في مكان مغصوب أنه ما صلى ، فعلىٰ هذا لا يبعد التفصيل بالقول بوضعها للصحيحة بالنسبة إلى الأجزاء مطلقا وبالنسبة إلى الشرائط لا مطلقا ، بل بالنسبة إلى الطهارة وأمثالها .
أقول : ويمكن دفع ذلك بأنّا قد حققنا سابقاً أن الألفاظ موضوعة للصحيحة بمعنى موضوع طلب الشارع ، القابل للصحة والفساد بالمعنى الآخر (١) ، ولا ريب أن الوقت ظرف لهذا الموضوع ، لأنه مقيد به ، بمعنى أن الشارع طلب الفعل في هذا الوقت لا مقيداً به .
___________________________
(١) أعني الموافقة وعدمها . لمحرّره عفى الله عنه .