استعمالات أهل اللسان مطلقا ، سواء كان اللفظ مستعملاً في معنى واحد أو في المتعدد .
الثاني : قياس متعدّد المعنى ـ الذي هو محل النزاع ـ بمتّحده .
الثالث : غلبة استعمال الألفاظ فيما وضعت لها .
وحجّة ابن جني غلبة المجازات في كلّ لفظٍ على حقائقه ، فيلحق المشكوك بالغالب .
ولا يخفى ما بين دعوى الغلبتين ، من التنافي بالنسبة إلى موارد استعمال اللفظ ، فإنّ الاُولى تقتضي كون الاستعمال على وجه الحقيقة ، والثانية تقتضي كونه على وجه المجاز .
واحتج المفصِّل في كون الاستعمال دليلاً على الوضع بين متحد المعنى ، وبين متعدده ، بكونه دليلاً في الأوّل ، دون الثاني .
أمّا على كونه دليلاً في الأوّل ، بما استدل به السيد المرتضى ( قدّس سرّه ) في متحد المعنى ، من أصالة الحقيقة السليمة عن المعارض .
وأمّا على عدم كونه دليلاً في الثاني ، لمعارضتها بأصالة عدم وضع آخر ، فإنّ القدر المتيقن منه الوضع الواحد لأحد المعنيين ، فأمّا الوضع الاۤخر للآخر فهو مشكوك ، فالأصل عدمه ، فيعارض هذا أصالة الحقيقة في المعنى المشكوك ، فحينئذٍ لا يكون الاستعمال دليلاً لسقوط دليل إعتباره عن الاعتبار بالمعارضة . هذا بخلاف متحد المعنى ، فإن الوضع الواحد هناك معلوم ، لا يجوز نفيه بالأصل ، فأصالة الحقيقة سليمة عن المعارض ، فيثبت بها كون الاستعمال على وجه الحقيقة ، فيثبت به الوضع . هذه أدلّة الأقوال .
إذا عرفت هذه ، فاعلم أن الحق عدم كون الاستعمال دليلاً على الوضع مطلقاً وفاقاً للمشهور كما مرّ ، لعدم الدليل عليه ، لأن أدلّة الأقوال المذكورة ليس شيء منها سليماً عن المناقشة .
أما أدلّة السيد ( قدس سره ) فالجواب عن أوّلها : أنا سلمنا استقرار السيرة على استعلام اللغات من الاستعمالات ، لكنا لم نعلم بعد بناء الناس على الأخذ بظاهر الاستعمال إذا لم يكن قطعياً ، كما هو المدعى ، بل الظاهر أنّ استعلامهم منها لأجل أنّها تفيد القطع بالوضع غالباً ، سيما إذا كانت مستمرة ، حتى في متعدد المعنى ، وأمّا إذا لم يحصل منها القطع ، فلم يعلم أخذهم بظاهرها ـ حينئذ ـ حتى في متحد المعنى .