للفرد المشكوك الصفة .
والسرّ في ذلك ، أنّه يحصل بملاحظة ثبوت الحكم للأفراد الغالبة ملازمة قطعيّة ، أو ظنيّة ، بحسب قوة الغلبة ، وضعفها ، ما بين ثبوته لها ـ أي للأفراد الغالبة ـ وما بين ثبوته للفرد المشكوك الحكم ، فإنّه إذا حصل ثبوته لغالب الأفراد يحصل لك القطع ، أو الظن بثبوته للكلي المشترك بينها بما هو هو ، فيلزمه ثبوت الحكم للفرد المشكوك قطعاً ، أو ظناً ، لوجود الماهية المذكورة في ضمنه أيضاً .
وأمّا إذا كان منشأ الشك في حكم الفرد ، هو الشك في ماهيته ، بأن لا يعلم أنّه مندرج في أيّ نوع ، وماهية من الماهيات ، فلا يجوز التمسك بغلبة الحكم الثابت للأفراد الغالبة من ماهية على ثبوته لذلك الفرد المشكوك الذي لم يحرز بعد كونه فرداً من تلك الماهية ، ولا على كون ذلك الفرد من تلك الماهية ، واندراجه فيها ، ليثبت له الحكم بالملازمة ؛ لعدم حصول الملازمة ـ حينئذٍ ـ بين ثبوت الحكم للأفراد الغالبة من ماهية ، وبين ثبوته للفرد المشكوك ، الذي لم يحرز كونه من تلك الماهية ، ولا اندراجه في الماهية المذكورة بوجه لا قطعاً ، ولا ظنّاً ، وإن بلغت الغلبة المذكورة إلى حد لم يوجد لها فرد مخالف مثلاً إذا شككت في حمرة تمر من جهة الشك في كونه تمراً بصرياً ، لا يجوز التمسك بغلبة الحمرة ـ في تمر البصرة ـ على ثبوتها لذلك الفرد ، ولا على اندراجه تحت نوع تمر البصرة ، إلّا أن يكون على تعيّن ماهيته أمارة اخرى ، كأن يكون الغالب في التمر أيضاً كونه بصريّاً ، فتحرز بتلك الغلبة الموضوعية ماهية ذلك الفرد ، وهو كونه بصريّاً فتنفع الغلبة المتقدمة لحصول الملازمة حينئذٍ على أحد الوجهين .
وبذلك أجاب شيخنا المرتضى دام ظلّه ، عن البادري في مسألة النبوة ، في مبحث الاستصحاب ، حيث أنه احتج على انقطاع نبوة نبينا صلّى الله عليه وآله ، بأن الغالب في الأنبياء كون نبوتهم محدودةً بمقدار من الزمان ، ونشكّ في أن محمّداً صلى الله عليه وآله أيضاً كذلك ، أو أن نبوّته دائميّة ، فيلحق بالغالب ، فيحكم بالانقطاع بنبوته .
فأجاب دام ظلّه بأن هذا استدلال بغلبة
الحكم في تعيين الموضوع ، لأنّ دوام نبوّة أحد الأنبياء معلوم إجمالاً باتفاق جميع الأديان ، فلا يجوز التمسك بالغلبة
المذكورة على انقطاع نبوّة ذلك المعلوم بالإجمال ، لأنّه مناقض للعلم بدوام نبوّته ، ولا
على اندراج مورد الشك في الأفراد الغالبة ، ونفي اتحاده مع المعلوم الإجمالي ، ولا يكون هنا
غلبة موضوعية توجب اندراجه فيمن ذكره ، إذ لا يجوز أن يقال : إنّ الغالب في الأنبياء
محدودة