عند ما يضعون لفظا لما يخترعونه ، يكون غرضهم سلخ اللفظ عن معناه الأول وجعله للمعنى الذي اخترعوه ، ولو بأن يستقرّ بناؤهم على عدم استعماله فيه إلاّ مع القرينة.
قال في المقالة : فنفس هذه الجهة من القرائن العامة على إرادة المعنى الشرعي عند استعماله حتى مع فرض عدم هجر الوضع السابق (١).
قلت : بل عرفت أنّ الوضع الجديد يوجب بناءهم على سلخ اللفظ عن المعنى السابق ، فلا بد أن يكون مع هجر الاستعمال فيه إلا مع القرينة. وبالجملة يعود اللفظ عندهم مجازا فيه على وجه لو صدر اللفظ منهم لا يحمل على المعنى القديم إلاّ بالقرينة ، ومن ذلك تعرف التأمل فيما أفاده بعد ذلك بقوله :
اللهم إلاّ أن يقال : إنّ ما ذكرنا من طريقة أهل الصنائع إنّما هو في الألفاظ المستحدثة غير المسبوقة بوضع آخر ( قلت : هذا فرض لا واقعية له ) واما الألفاظ المتداولة بين العرف لا نسلّم كون طريقتهم في التسمية بها تفهيم المعنى بنفس اللفظ ، بل من الممكن كون الغرض إحداث الاشتراك في اللفظ بحيث يصير عند عدم القرينة مجملا إلخ (٢).
ولا يخفى أنّ مثل هذه الغاية ممّا يقطع بعدمها ، فانّ الغرض من نقلهم اللفظ من معناه الأصلي إلى المعنى الجديد ليس إلاّ ليكون اللفظ في لسانهم ظاهرا في الجديد ، ولا يكون ظاهرا فيه الاّ مع سلخه عن معناه الاول ، وأنّ بناءهم قد استقر على عدم استعماله فيه إلاّ مع القرينة. وهذا هو الفارق بين الاشتراك والنقل ، فإنّ الوضع الثاني في الاشتراك لا يكون إلاّ من
__________________
(١ و ٢) مقالات الاصول ١ : ١٣٤ [ أسقط قدسسره جملة قصيرة من العبارة الثانية ].