الاطاعة عقلا من دون اطلاع العقل على أنّ ذلك الطلب إلزامي.
وحينئذ لا بد لنا أن نقول : إنّ الفرق بينهما وان كان بحسب قوة المصلحة وضعفها أو بحسب وجود ما يزاحمها ، إلا أنّ مصلحة الوجوب يكفي فيه مجرد الطلب بخلاف مصلحة الندب فإنّ جعل الطلب يكون أضيق منها ، فلا بد للشارع حينئذ من سلوك طريق متمم الجعل ، بأن يجعل الطلب ثم بعد ذلك يرخّص في ترك ذلك المطلوب ترخيصا شرعيا ، فتكون مصلحة الحكم الاستحبابي محتاجة إلى جعلين في مقام الطلب وإن كان يمكنه استيفاؤها بجعل واحد في غير مقام الطلب ، نظير أن يقول هذا مندوب أو مستحب أو مستحسن عندي أو ما أشبه ذلك ممّا يكون ملحقا بجعل الأحكام الوضعية.
قوله : وهو أنّ الصيغة الواحدة في استعمال واحد كيف يمكن أن يستعمل في مطلق الطلب من دون أن يتفصّل بفصل ، أو كيف يمكن أن يوجد طلب في الخارج غير محدود بحد الشدة والضعف ... إلخ (١).
الاشكال الأول وارد على القائلين بالتركيب ، وأنّ الوجوب مركب من طلب الفعل مع المنع من الترك ، والاستحباب مركب من طلب الفعل وجواز الترك ، فإنّه بناء على ذلك يكون كل من المنع من الترك وجواز الترك فصلا منوّعا لطلب الفعل ، ويتكون الوجوب من انضمام المنع من الترك إلى طلب الفعل ، كما أن الاستحباب يتكون من انضمام جواز الترك إلى طلب الفعل ، ومن الواضح أنه لا يمكن أن يكون المنشأ والمجعول في مثل قوله صلىاللهعليهوآله : اغتسل هو مطلق الطلب غير متفصل بأحد فصليه ، لاستحالة وجود الجنس
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٤٥.