الأول أغلب الأحكام فانّها شاملة للعالمين بها كشمولها للجاهلين بها ، ومثال الثاني مسألة القصر والاتمام والجهر والاخفات ، وهل يكون ذلك بطريقة متمم الجعل أو بطريقة اخرى ، في ذلك أبحاث شرحناها في أوائل مباحث القطع. وعلى أيّ حال إن الدور اللازم في التقييد اللحاظي غير جار فيما هو نتيجة التقييد ، وهكذا إشكال التقدم والتأخر.
ثم إنّ الحجر الأساسي هو هذا الأخير ، أعني إشكال التقدم والتأخر في مقام الجعل كما شرحناه غير مرّة وإليه الاشارة في الكفاية بقوله : لاستحالة أخذ ما لا يكاد يتأتى إلاّ من قبل الأمر بشيء في متعلق ذاك الأمر (١) وقد شرحه شيخنا قدسسره (٢) بما لا مزيد عليه ، وحيث كان أصل الجعل ممتنعا لا تصل النوبة إلى مقام فعلية الحكم التي هي مركز الاشكال بالدور ، فإن الدور وعدم القدرة التي ربما كان قوله في الكفاية : فما لم تكن الصلاة متعلقة للأمر لا يكاد يمكن الاتيان بها بداعي ذلك الأمر ... (٣) إشارة إليه ، كل هذه الاشكالات متفرعة على ذلك الاشكال في مقام الجعل ، وهو المانع من كل من الاطلاق والتقييد اللحاظيين. ولا يرد على القول بسقوطهما لزوم الاهمال في الواقع ، لما حققه شيخنا قدسسره (٤) وشرحناه من كون التقابل بينهما من قبيل العدم والملكة ، فلا يمتنع سقوطهما في المورد غير القابل لهما كسقوط العمى والبصر عن الجدار.
ويمكن الجواب عنه بطريق آخر : وهو أن سقوط الاطلاق والتقييد
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٢.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٦٠ وما بعدها.
(٣) كفاية الاصول : ٧٢ ( باختلاف يسير ).
(٤) راجع أجود التقريرات ١ : ١٥٦ ، وسيأتي في الصفحة : ٤١١ من هذا المجلّد.